حجّتك ، وتفحمهم معجزتك ، فيؤمن بك عوامّهم ، أو يضطربون على رؤسائهم ، فلذلك يصدّون من يريد لقاءك ـ يا محمّد ـ ليعرف أمرك ، بأنّه لطيف خلّاق ساحر اللسان ، لا تراه ولا يراك خير لك ، وأسلم لدينك ودنياك ، فهم بمثل هذا يصدّون العوامّ عنك.
ثم قال الله عزوجل : (وَاللهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ) وتوفيقه لدين الإسلام ، وموالاة محمد وعلي عليهماالسلام (مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) على من يوفّقه لدينه ، ويهديه لموالاتك وموالاة عليّ بن أبي طالب عليهالسلام».
قال : «فلمّا قرّعهم (١) بهذا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حضره منهم جماعة فعاندوه ، وقالوا : يا محمّد ، إنّك تدّعي على قلوبنا خلاف ما فيها ، ما نكره أن تنزل عليك حجّة تلزم الانقياد لها فننقاد.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لئن عاندتم ها هنا محمدا ، فستعاندون ربّ العالمين إذا أنطق صحائفكم بأعمالكم ، وتقولون : ظلمتنا الحفظة ، فكتبوا علينا ما لم نفعل ، فعند ذلك يستشهد جوارحكم ، فتشهد عليكم.
فقالوا : لا تبعد شاهدك ، فإنّه فعل الكذّابين ، بيننا وبين القيامة بعد ، أرنا في أنفسنا ما تدّعي لنعلم صدقك ، ولن تفعله لأنّك من الكذّابين.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لعليّ عليهالسلام : استشهد جوارحهم ، فاستشهدها علي عليهالسلام فشهدت كلّها عليهم أنهم لا يودّون أن ينزل على أمّة محمد ، على لسان محمد خير من عند ربّكم آية بيّنة ، وحجّة معجزة لنبوّته ، وإمامة أخيه علي عليهالسلام ، مخافة أن تبهرهم حجّته ، ويؤمن به عوامّهم ، ويضطرب عليهم كثير منهم.
__________________
(١) قرّعت الرجل : إذا وبّخته وعذلته. «لسان العرب ـ قرع ـ ٨ : ٢٦٦».