آيَةٍ) أي نرفع حكمها (أَوْ نُنْسِها) بأن نرفع رسمها ، ونزيل عن القلوب حفظها ، وعن قلبك ـ يا محمّد ـ كما قال الله تعالى : (سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى إِلَّا ما شاءَ اللهُ)(١) أن ينسيك ، فرفع ذكره عن قلبك (نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها) يعني بخير لكم ، فهذه الثانية أعظم لثوابكم ، وأجلّ لصلاحكم من الآية الأولى المنسوخة (أَوْ مِثْلِها) من مثلها في الصلاح لكم ، أي إنّا لا ننسخ ولا نبدّل إلّا وغرضنا في ذلك مصالحكم.
ثم قال : يا محمد (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فإنه قدير يقدر على النسخ وغيره (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) وهو العالم بتدبيرها ومصالحها ، وهو يدبّركم بعلمه (وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍ) يلي صلاحكم إذ كان العالم بالمصالح هو الله عزوجل دون غيره (وَلا نَصِيرٍ) وما لكم من ناصر ينصركم من مكروه إن أراد الله إنزاله بكم ، أو عقاب إن أراد إحلاله بكم.
وقال محمّد بن علي الباقر عليهماالسلام : وربّما قدّر الله عليه النسخ والتنزيل لمصالحكم ومنافعكم ، لتؤمنوا بها ، ويتوفّر عليكم الثواب بالتصديق بها ، فهو يفعل من ذلك ما فيه صلاحكم والخيرة لكم.
ثم قال : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فهو يملكهما بقدرته ، ويصلحهما بحسب مشيئته ، لا مقدّم لما أخّر ، ولا مؤخّر لما قدّم.
ثم قال الله تعالى : (وَما لَكُمْ) يا معشر اليهود ، والمكذّبين بمحمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والجاحدين لنسخ الشرائع (مِنْ دُونِ اللهِ) سوى الله تعالى (مِنْ وَلِيٍ) يلي مصالحكم ، إن لم يدلّكم ربّكم للمصالح (وَلا نَصِيرٍ) ينصركم من دون الله ،
__________________
(١) الأعلى ٨٧ : ٦ و ٧.