وقد يكون المعنى أنه من بني قومكم ووطنكم ، فالعرب الجاهليون قوم متعصبون عنصريون ، وما كان بالإمكان أن يخضعوا لنبي من غير قومهم ، كما قال سبحانه في الآيتين : (١٩٨ و ١٩٩) من سورة الشعراء : (وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ ما كانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ).
كان هذا طبعا للمرحلة الأولى من الدعوة ، وفي المراحل التالية ألغيت مسائل العنصر والوطن (الجغرافي) ، وربّى الإسلام أبناءه على أساس مبادىء «العالميّة» و «الإنسانية».
بعد ذكر هذه النعمة يشير القرآن إلى أربع نعم عادت على المسلمين ببركة هذا النبي :
١ ـ (يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا) ، ويتلو من التلاوة ، أي من إتيان الشيء متواليا ، والإتيان بالعبارات متوالية (وبنظام صحيح) هي التلاوة.
النبي إذن يقرأعليكم آيات الله متتالية ، لتنفذ إلى قلوبكم ، ولإعداد أنفسكم إلى التعليم والتربية.
٢ ـ (وَيُزَكِّيكُمْ).
و «التزكية» هو الزيادة والإنماء ، أي أن النبي بفضل آيات الله يزيدكم كمالا ماديا ومعنويا ، وينمّي أرواحكم ، ويربّي في أنفسكم الطهر والفضيلة ، ويزيل ألوان الرذائل التي كانت تغمر مجتمعكم في الجاهلية.
٣ ـ (وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ).
التعليم طبعا مقدم بشكل طبيعي على التربية ، ولكن القرآن يقدم التربية في مواضع تأكيدا على أنها هي الهدف النهائي.
الفرق بين «الكتاب» و «الحكمة» قد يكون بلحاظ أن الكتاب إشارة إلى آيات القرآن والوحي الإلهي النازل على النبي بشكل إعجازي ، والحكمة