يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً)(١) فما هذه الأمانة ، ومن هذا الإنسان ، وليس من صفة العزيز الحكيم التلبيس على عباده؟
وأجده قد شهر هفوات أنبيائه بقوله : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى)(٢) ، وبتكذيبه نوحا لمّا قال : (إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي)(٣) ، بقوله تعالى : (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ)(٤) ، وبوصفه إبراهيم بأنه عبد كوكبا مرة ، ومرة قمرا ، ومرة شمسا ، وبقوله في يوسف : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ)(٥) وبتهجينه موسى حيث قال : (رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي)(٦) الآية ، وببعثه على داود جبرئيل وميكائيل حيث تسوّروا المحراب إلى آخر القصة ، وبحبسه يونس في بطن الحوت حيث ذهب مغاضبا مذنبا ، وأظهر خطأ الأنبياء وزللهم ، ووارى اسم من اغتر وفتن خلقه وضل وأضل ، وكنى عن أسمائهم في قوله : (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً)(٧) فمن هذا الظالم الذي لم يذكر من اسمه ما ذكر من أسماء الأنبياء؟
وأجده يقول : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا)(٨) و (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ)(٩) ، (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى)(١٠) فمرّة يجيئهم ، ومرّة يجيئونه.
__________________
(١) الأحزاب : ٧٢.
(٢) طه : ١٢١.
(٣) هود : ٤٥.
(٤) هود : ٤٦.
(٥) يوسف : ٢٤.
(٦) الأعراف : ١٤٣.
(٧) الفرقان : ٢٧ ـ ٢٩.
(٨) الفجر : ٢٢.
(٩) الأنعام : ١٥٨.
(١٠) الأنعام : ٩٤.