أَطْرافِها)(١) ، يعني بذلك ما يهلك من القرون ، فسماه إتيانا وقال : (قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)(٢) ، أي لعنهم الله أنى يؤفكون ، فسمى اللعنة قتالا ، وكذلك قال : (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ)(٣) ، أي لعن الإنسان ، وقال : (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى)(٤) ، فسمّى فعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فعلا له ، ألا ترى تأويله على غير تنزيله! ومثله قوله : (بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ)(٥) ، فسمى البعث لقاء وكذلك قوله : (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ)(٦) ، أي يوقنون أنهم مبعوثون ، ومثله قوله : (أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ)(٧) ، يعني أليس يوقنون أنهم مبعوثون؟ واللقاء عند المؤمن البعث وعند الكافر المعاينة والنظر ، وقد يكون بعض ظنّ الكافر يقينا ، وذلك قوله : (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها)(٨).
وأما قوله في المنافقين : (وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا)(٩) ، فليس ذلك بيقين ولكنه شكّ ، فاللفظ واحد في الظاهر ومخالف في الباطن ، وكذلك قوله : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى)(١٠) ، يعني استوى تدبيره وعلا أمره.
وقوله : (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ)(١١) ، وقوله : (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ)(١٢) ، وقوله : (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ)(١٣) ، فإنما أراد بذلك استيلاء أمنائه بالقدرة التي ركبها فيهم على
__________________
(١) الرعد : ٤١.
(٢) التوبة : ٣٠.
(٣) عبس : ١٧.
(٤) الأنفال : ١٧.
(٥) السجدة : ١٠.
(٦) البقرة : ٤٦.
(٧) المطففين : ٤ ، ٥.
(٨) الكهف : ٥٣.
(٩) الأحزاب : ١٠.
(١٠) طه : ٥.
(١١) الزخرف : ٨٤.
(١٢) الحديد : ٤.
(١٣) المجادلة : ٧.