قريش بأن يكبسوا عليه ليلا وهو نائم ، فيضربوه ضربة رجل واحد ، فلم يعلم من قاتله ، فلا يؤخذ بثأره ، فأمر الله بأن يبيّت مكانه ابن عمّه عليّا عليهالسلام ، ويخرج ليلا إلى المدينة ، ففعل ما أمره الله به ، وبيّت مكانه على فراشه عليّا عليهالسلام ، وأوصاه أن يحمل أزواجه إلى المدينة ، فجاء المشركون من قريش لما تعاقدوا عليه وتحالفوا ، فوجدوا عليّا عليهالسلام مكانه فرجعوا القهقرى ، وأبطل الله ما تعاقدوا عليه وتحالفوا.
ثمّ إنّ عليّا عليهالسلام حمل أهله وأزواجه إلى المدينة فعلم أبو سفيان بخروجه وسيره إلى المدينة فتبعه ليردّهم ، وكان معهم عبد له أسود ، فيه شدّة وجرأة في الحرب ، فأمره سيّده أن يلحقه فيمنعه عن المسير حتّى يلقاه بأصحابه ، فلحقه ، فقال له : لا تسر بمن معك إلى أن يأتي مولاي. فقال عليهالسلام له : ويلك ، ارجع إلى مولاك وإلّا قتلتك. فلم يرجع ، فشال عليّ عليهالسلام سيفه وضربه ، فأبان عنقه عن جسده ، وسار بالنساء والأهل ، وجاء أبو سفيان فوجد عبده مقتولا ، فتبع عليّا عليهالسلام وأدركه ، فقال له : يا عليّ ، تأخذ بنات عمّنا من عندنا من غير إذننا ، وتقتل عبدنا! فقال : أخذتهم بإذن من له الإذن ، فامض لشأنك. فلم يرجع ، وحاربه على ردّهم بأصحابه يومه أجمع ، فلم يقدروا على ردّه ، وعجزوا عنه هو وأصحابه ، فرجعوا خائبين.
وسار عليّ عليهالسلام بأصحابه وقد كلّوا من الحرب والقتال ، فأمرهم عليّ عليهالسلام بالنزول ليستريحوا ويسير بمن معه ، فنزلوا وصلّوا على ما يتمكّنون ، وطرحوا أنفسهم عجزا يذكرون الله تعالى في هذه الحالات كلّها إلى الصّباح ، ويحمدونه ، ويشكرونه ، ويعبدونه. ثمّ سار بهم إلى المدينة ، إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ونزل جبرئيل عليهالسلام قبل وصولهم ، فحكى للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حكايتهم ، وتلا عليه الآيات من آخر آل عمران إلى قوله : (إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ) فلمّا وصل عليهالسلام بهم إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال له : إنّ الله سبحانه قد أنزل فيك وفي