الدالّة على نبوّتك ، الموضحة عن صدقك ، في نصب أخيك عليّ إماما ، ويكاد ما يشاهدونه منك ـ يا محمّد ـ ومن أخيك عليّ من المعجزات ، الدالّات على أن أمرك وأمره هو الحقّ الذي لا ريب فيه ، ثمّ هم ـ مع ذلك ـ لا ينظرون في دلائل ما يشاهدون من آيات القرآن ، وآياتك وآيات أخيك عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، يكاد ذهابهم عن الحقّ في حججك يبطل عليهم سائر ما قد عملوه من الأشياء التي يعرفونها ، لأنّ من جحد حقّا واحدا ، أدّاه ذلك الجحود إلى أن يجحد كلّ حقّ ، فصار جاحده في بطلان سائر الحقوق عليه ، كالناظر إلى جرم الشمس في ذهاب نور بصره.
ثمّ قال : (كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ) إذا ظهر ما اعتقدوا أنّه الحجّة ، مشوا فيه : ثبّتوا عليه ، وهؤلاء كانوا إذا أنتجت خيولهم الإناث ، ونساؤهم الذكور ، وحملت نخيلهم ، وزكت (نما) زروعهم ، ونمت تجارتهم ، وكثرت الألبان في ضروعهم ، قالوا : يوشك أن يكون هذا ببركة بيعتنا لعليّ عليهالسلام ، إنه مبخوت ـ (ذوجد) ـ ، مدال ـ منتصر ـ فبذاك ينبغي أن نعطيه ظاهر الطاعة ، لنعيش في دولته.
(وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا) أي إذا أنتجت خيولهم الذكور ، ونساؤهم الإناث ، ولم يربحوا في تجارتهم ، ولا حملت نخيلهم ، ولا زكت زروعهم ، وقفوا وقالوا : هذا بشؤم هذه البيعة التي بايعناها عليّا ، والتصديق الذي صدقنا محمّدا ، وهو نظير ما قال الله عزوجل : يا محمد (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ)(١) ، قال الله تعالى : (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللهِ)(٢) بحكمه النافذ وقضائه ، ليس ذلك لسؤمي ولا ليمني.
__________________
(١) النساء : ٧٨.
(٢) النساء : ٧٨.