للمنافقين ، فقال : مثل ما خوطبوا به من هذا القرآن الذي أنزل عليك ـ يا محمّد ـ مشتملا على بيان توحيدي ، وإيضاح حجّة نبوّتك ، والدليل الباهر على استحقاق أخيك (علي بن أبي طالب) للموقف الذي أوقفته ، والمحلّ الذي أحللته ، والرتبة التي رفعته إليها ، والسياسية التي قلّدته إيّاها فهي (كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ).
قال : يا محمّد ، كما أنّ في هذا المطر هذه الأشياء ، ومن ابتلي به خاف ، فكذلك هؤلاء في ردّهم لبيعة عليّ ، وخوفهم أن تعثر أنت ـ يا محمد ـ على نفاقهم كمثل من هو في هذا المطر والرعد والبرق ، يخاف أن يخلع الرعد فؤاده ، أو ينزل البرق بالصاعقة عليه ، وكذلك هؤلاء يخافون أن تعثر على كفرهم ، فتوجب قتلهم واستئصالهم.
(يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ) [كما يجعل هؤلاء المبتلون بهذا الرعد والبرق أصابعهم في آذانهم لئلّا يخلع صوت الرعد أفئدتهم ، فكذلك تجعلون أصابعهم في آذانهم] إذا سمعوا لعنك لمن نكث البيعة ووعيدك لهم إذا علمت أحوالهم (يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ) لئلّا يسمعوا لعنك ووعيدك فتغيّر ألوانهم ، فيستدلّ أصحابك أنّهم المعنيّون باللعن والوعيد ، لما قد ظهر من التغيير والاضطراب عليهم ، فتقوى التهمة عليهم ، فلا يأمنون هلاكهم بذلك على يدك وفي حكمك.
ثم قال : (يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ) وهذا مثل قوم ابتلوا ببرق فلم يغضّوا عنه أبصارهم ، ولم يستروا منه وجوههم لتسلم عيونهم من تلألئه ، ولم ينظروا إلى الطريق الذي يريدون أن يتخلّصوا فيه بضوء البرق ، ولكنّهم نظروا إلى نفس البرق فكاد يخطف أبصارهم.
فكذلك هؤلاء المنافقون ، يكاد ما في القرآن من الآيات المحكمة ،