ولايته ، ومعاداة أهل مخالفته وعداوته ، وأنّ النيران لا تهدأ عنهم ، ولا تعدل بهم عن عذابها إلّا بتنكّبهم ـ أعراضهم ـ عن موالاة مخالفيهم ، ومؤازرة شانئيهم.
(وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ)(١) من أداء الفرائض واجتناب المحارم ، ولم يكونوا كهؤلاء الكافرين بك ، بشّرهم (أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ) بساتين (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) من تحت شجرها ومساكنها (كُلَّما رُزِقُوا مِنْها) من تلك الجنان (مِنْ ثَمَرَةٍ) من ثمارها (رِزْقاً) طعاما يؤتون به (قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) في الدنيا ، فأسماؤه كأسماء ما في الدنيا من تفّاح ، وسفرجل ، ورمّان ، وكذا وكذا ، وإن كان ما هناك مخالفا لما في الدنيا فإنّه في غاية الطيب ، وإنّه لا يستحيل إلى ما تستحيل إليه ثمار الدنيا من عذرة وسائر المكروهات ، من صفراء وسوداء ، ودم ، بل ما يتولّد من مأكولهم ، إلّا العرق الذي يجري من أعراضهم ، أطيب من رائحة المسك.
(وَأُتُوا بِهِ) بذلك الرزق من الثمار من تلك البساتين (مُتَشابِهاً) يشبه بعضه بعضا ، بأنّها كلّها خيار لا رذل ـ الرديء من كل شيء ـ فيها ، وبأنّ كلّ صنف منها في غاية الطيب واللذّة ، ليس كثمار الدنيا التي بعضها نيء ـ الذي لم ينضج ـ ، وبعضها متجاوز لحدّ النّضج والإدراك إلى الفساد من حموضة ومرارة وسائر ضروب المكاره ، ومتشابها أيضا متّفقات الألوان مختلفات الطعوم.
(وَلَهُمْ فِيها) في تلك الجنان (أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) من أنواع الأقذار
__________________
(١) قال المجلسي (رحمهالله) : استدلّوا بالعطف على عدم دخول الأعمال في الإيمان وهو كذلك ، لكنّه لا ينفي الاشتراط ، بل استدل في بعض الأخبار بالمقارنة عليه. «البحار : ج ٦٧ ، ص ١٩».