قال الله تعالى : (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) إنّي أعلم من الصلاح الكائن فيمن أجعله بدلا منكم ما لا تعلمون ، وأعلم أيضا أنّ فيكم من هو كافر في باطنه لا تعلمونه ، وهو إبليس لعنه الله.
ثم قال : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) أسماء أنبياء الله ، وأسماء محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعلي ، وفاطمة والحسن والحسين ، والطيّبين من آلهما ، وأسماء رجال من شيعتهم ، وعتاة أعدائهم. (ثُمَّ عَرَضَهُمْ) عرض محمّدا وعليّا والأئمّة (عَلَى الْمَلائِكَةِ) ، أي عرض أشباحهم وهم أنوار في الأظلّة (فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) إن جميعكم تسبّحون وتقدّسون ، وأن ترككم ها هنا أصلح من إيراد من بعدكم ، أي فكما لم تعرفوا غيب من في خلالكم ، فالحريّ ـ أي الجدير ـ أن لا تعرفوا الغيب إذا لم يكن ، كما لا تعرفون أسماء أشخاص ترونها.
قالت الملائكة : (قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ) بكلّ شيء (الْحَكِيمُ) المصيب في كلّ فعل.
قال الله عزوجل : يا آدم أنبىء هؤلاء الملائكة بأسمائهم وأسماء الأنبياء والأئمّة ، فلمّا أنبأهم فعرفوها ، أخذ عليهم العهد والميثاق بالإيمان بهم ، والتفضيل لهم.
قال الله تعالى عند ذلك : (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) وما كان يعتقده إبليس من الإباء على آدم إن أمر بطاعته وإهلاكه إن سلّط عليه ، ومن اعتقادكم أنّه لا أحد يأتي بعدكم إلّا وأنتم أفضل منه ، بل محمّد وآله الطيّبين أفضل منكم ، الذين أنبأكم آدم بأسمائهم» (١).
__________________
(١) تفسير الإمام العسكري عليهالسلام : ص ٢١٦ ، ح ١٠٠.