______________________________________________________
الأولى الاستمرار ، فلا أولوية لنفوذ الثانية ، المقتضي للتضاد على استمرار الاولى المقتضي لعدمه.
قلنا : بل الأولوية ثابتة ، فإن أصالة النفوذ تقتضي كون الوصية الثانية سببا في رفع الاولى ، وحينئذ فلا يبقى استصحاب.
وذهب المصنف في المختلف إلى أنه إن وجدت قرينة تدل على مغايرة الوصية الثانية للأولى ، ولم تكن الثانية ناسخة للأولى ، بل يبدأ بالأولى وتبطل الثانية إن ضاق الثلث عنها ، وإن وجدت قرينة تدل على الاتحاد كانت الثانية ناسخة للأولى ، ومع انتفاء الأمرين واستواء الحالين فالوجه كون الثانية غير ناسخة للأولى (١).
هذا محصل قوله ، ولا ريب أنه مع وجود القرينة يجب العمل بمقتضاها ، وبدونها فالذي يقتضيه النظر كون الثانية رجوعا عن الاولى ، لوجود المقتضي وهو توقف كون الوصية صحيحة نافذة على كونها من الثلث الذي يستحقه المريض ، فيقع التضاد وانتفاء المانع ، إذ ليس إلاّ احتمال كونها خارجة عن الثلث ، وهو لا يصلح للمانعية ، لمرجوحيته باقتضائه كون الوصية غير نافذة ، ولعموم قوله تعالى ( فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ ) (٢) المقتضي لمنع تبديل الوصية الثانية ، ولا يتم ذلك إلاّ بكونها من الثلث ، فمنع النظائر يدل على أن مجرد الوصية الثانية ، لا يكون إلاّ رجوعا عن الاولى ، ومنه المسألة التي تلي هذه.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنه يلزم على هذا أنه لو اوصى لزيد بثلث ، ولعمرو بربع ، ولخالد بسدس وانتفت القرائن ان تكون الوصية الأخيرة رافعة للأولى ، مع ان الذي صرّح به الشيخ وغيره ان الاولى مقدّمة مع عدم الإجازة (٣) ، وهو اعتراف بأن متعلق
__________________
(١) المختلف : ٥٠٤.
(٢) البقرة : ١٨١.
(٣) المبسوط ٤ : ٨.