______________________________________________________
والسر فيه أنه ليست حصة المجيز من النقص شيئا معيّنا مفرزا عن حصة غيره ليجري على كل منهما حكمه ، وإنما النقص أمر عدمي ، إذ هو عبارة عن فوات بعض القيمة فيمتنع فيه ذلك ، بخلاف ما لو أجاز أحدهم حصته من الوصية بالعين فيما زاد على الثلث.
الثاني : لو كان نقص القيمة بسبب الورثة ، كما إذا تعدد الوارث ، فلزم من التعدد الشركة والتشقيص المقتضي للنقصان ، فإن ذلك النقص جار مجرى الإتلاف قطعا. ولو عبّر بالتلف لكان أولى ، لأن ذلك حصل من الشركة الحاصلة بالإرث الثابت بأصل الشرع ، فتكون التركة في المثال كأنها عشرة.
وكما يكون هذا النقص كالإتلاف بالنسبة إلى الإرث فكذلك بالنسبة إلى الوصية ، لأن النقص لازم على تقدير الوصية ، وبدونها فلا يكون ناشئا عن تصرف المورث. والحجر إنما هو فيما استند إلى فعله فحينئذ تصح الوصية ، وتؤثر الإجازة لو أوصى بزيادة عن الثلث فأجاز بعض الورثة ، فإنّ أجازته تنفذ في حصته من الزائد ، لأن الغرض إنه عين موجودة بخلاف حصته من النقص كما حققناه.
بقي هنا شيء ، وهو أن النقص متى كان حاصلا بسبب تعدد الوارث لم يكن محسوبا على الموصي ولا مانعا من نفوذ الوصية في الثلث ، وحينئذ فلا حجر على الموصي في تصرفه ذلك بوجه من الوجوه بسبب ذلك النقص ، فلا حاجة إلى إجازة الورثة أصلا ، فلا يستقيم الحكم بصحة الإجازة من البعض ولا بعدمها ، لانتفاء متعلقها وهو التصرف فيما زاد على الثلث من الموصى ، فلا يتصور صحة الفرض الأول مع تعدد الوارث.
ويظهر من عبارة الشارح الفاضل أن المراد عدم تأثير الإجازة من جميع الورثة (١) ، يرشد إلى ذلك تعليله وهو قوله : لأن الإجازة إنما تؤثر في وصية صحيحة
__________________
(١) إيضاح الفوائد ٢ : ٥١١.