______________________________________________________
الثاني : لو اتهب المريض من ينعتق عليه هبة خالية من العوض ، ففي احتساب العتق من الثلث أو الأصل الوجهان ، إلاّ أن الأقرب هنا كونه من الأصل كما في قبول الوصية. وضعف كونه من الثلث ظاهر ، إذ لم يتصرف المريض في شيء من الأموال التي تعلق حق الورثة بها هنا.
إذا تقرر ذلك فاعلم انه يتفرع على هذين الأصلين ما لو اشترى المريض من ينعتق عليه بدون ثمن مثله ، فإن ذلك في قوة عقدين بيع وهبة ، إذ المحاباة في البيع في معنى الهبة ، فإذا اشترى أباه مثلا بخمسمائة وهو يساوي ألفا ، فالزائد من قيمته على خمسمائة محاباة في معنى الهبة ، فيكون حكمه حكم الموهوب.
فلو كانت التركة كلها ستمائة ، فعلى قول الشيخ والجماعة من بطلان البيع في القدر الزائد عن الثلث خاصة دون ما قابله ـ يصح البيع هنا في نصف العبد ، إذ هو في قوة الموهوب ، وفي خمسه خاصة بما تبين هي ثلث التركة ، لأن ما صح البيع فيه فهو تالف بالعتق ، فيصح البيع في سبعة أعشار العبد بمائتين من الثمن ، وينعتق ذلك ويبطل في ثلاثة أعشاره ، فيرجع إلى الورثة ثلاثمائة من الثمن ، هي مع المائة الباقية ثلثا التركة ، وهو قدر ما أتلفه المريض مرتين.
وعلى ما اختاره المصنف ـ وهو الأصح ـ من أن بطلان البيع في جزء من أحد العوضين يقتضي بطلانه في مقابله من العوض الآخر ، لأن المجموع في مقابل المجموع ، وليست المحاباة هبة حقيقة ، وانما هي في معنى الهبة فتمتنع الصحة في مجموع أحد العوضين والبطلان في البعض الآخر ـ وسيأتي تحقيق ذلك إن شاء الله تعالى ـ فيبطل في ثلاثة أخماس العبد في مقابلة ما زاد على ثلث التركة ـ أعني : ثلاثة أخماس الثمن وهو ثلاثمائة ـ ، ويصح في خمسة بمائتين ، فينعتق منه الخمسان ، ويكون التصرف في ثلث التركة ، أعني المائتين.