أما لو اوصى للفقراء بعشر وللمساكين بخمس ، وجب التمييز.
______________________________________________________
وقال في التذكرة : وهل يدخل المساكين في الوصية للفقراء؟ اشكال ، أقربه الدخول إن جعلنا المسكين أسوأ حالا من الفقير ، وكذا لو أوصى للمساكين ففي دخول الفقراء اشكال ، أقربه الدخول إن جعلنا الفقير أسوأ حالا من المسكين (١).
إذا عرفت ذلك فاعلم أن الاشكال في العبارة يحتمل تعلّقه بكل من المسألتين ، ومنشؤه حينئذ من إطلاق كل من لفظة الفقراء على المساكين وبالعكس عند الانفراد. ومن الشك في كون ذلك حقيقة ، والأصل عدم الترادف.
ويحتمل تعلّقه بالأخيرة خاصة ، تنزيلا على أن المسكين أسوأ حالا من الفقير. ووجهه : أنه على هذا التقدير يندرج المسكين في الوصية للفقراء جزما ، لكونه أسوأ حالا بخلاف العكس فإن فيه الاشكال ، ومنشؤه من إطلاق لفظ المسكين على الفقراء عرفا عند الانفراد ، ومن أنه لكون المسكين أسوأ حالا منه لا يتناوله لفظه فلا يندرج في الوصية ، فيكون منشأ الاشكال من تعارض الاستعمال العرفي والوضع اللغوي.
والظاهر تعلّق الإشكال بالمسألتين معا ، سواء قلنا بأن الفقير أسوأ حالا أم المسكين ، لأن أيهما كان أسوء حالا لا يجب أن يتناوله لفظ الآخر ، لاختلاف المسمين ، ومنشأ الاشكال حينئذ : اختلاف المعنى لغة ، وجواز إطلاق كل من لفظ أحدهما على الآخر عرفا.
والذي يقتضيه الدليل عدم دخول أحدهما في الوصية للآخر ، لاختلاف الوضعين ، والإطلاق العرفي لم يبلغ درجة الحقيقة ، إلاّ أن تدل القرينة على ارادة الدخول ، وتكفي في ذلك القرينة المستفادة من حال الموصي ، وقصده ، وما يفهمه أمثاله عرفا ، واعلم أن تحقيق الأسوإ حالا منهما موضعه كتاب الزكاة.
قوله : ( أما لو أوصى للفقراء بعشر وللمساكين بخمس وجب التمييز ).
__________________
(١) التذكرة ٢ : ٤٧٢.