______________________________________________________
على الفور من الأحكام الخفية التي لا يطلع عليها إلاّ الأفراد من الناس ، فلو لم يكن الجهل عذرا لانتفت فائدة شرعية هذا الخيار ، لأن المطلوب به الارتفاق العام ، ومع الجهل فالتأخير لا بد منه ، والتالي معلوم البطلان.
وثالثها : الفرق بين الأمرين ، أعني جهل أصل الخيار ، وجهل فوريته ، فيبطل بالتأخير في الثاني دون الأول. ووجهه : إنّ فائدة شرعية هذا الخيار إنما تحصل لعامة المكلفين أن لو بقي الخيار مع جهالة ثبوته ، إذ لا يقصر ممن لا يعلم الحكم أصلا ، لخفاء مثل هذا الحكم غالبا ، ومع الجهل لا طريق إلى إيقاع الفسخ بحال فلا يكون مقدورا عليه حينئذ ، بخلاف جهل الفورية فإن الضرر يندفع بعلم أصل الخيار ، فلا دليل على بقائه مع التأخير.
ولأن التأخير مع العلم بالخيار يشعر بالرضى عادة ، فإن الكاره للشيء شديد الحرص على التخلص منه إذا تمكن ، ولأن تأخير الفسخ مع القدرة عليه والعلم بالخيار ينافي معنى الفور قطعا ، فيمتنع بقاؤه مع جهل الفورية ، وهذا الاحتمال أقواها.
والظاهر أن التأخير للنسيان مسقط ، لثبوت التقصير بالتأخير إلى أن طرأ النسيان. أما الإكراه فإن بلغ الإلجاء ، كأنه وضع واضع يده على فم الزوجة فمنعها من الاختيار ، فإنه عذر.
ولو خوفت بما يخاف منه عادة ، ففي عد ذلك عذرا احتمالات ، ولو كانت غائبة اختارت عند بلوغ الخبر ، ولو كانت منفردة ففي عد تأخيرها إلى أن تصل إلى الزوج أو من تشهده على فسخها مع مبادرتها إلى ذلك احتمال.
ولو ادعت الجهل بالعتق صدقت بيمينها مع إمكان صدقها ، إذ لا يعلم ذلك إلاّ من قبلها. وقريب منه ما إذا ادعت الجهل بأصل ثبوت الخيار ، ولو ادعت الإكراه فالمتجه مطالبتها بالبيّنة ، لإمكان إقامتها على ذلك.
ثم عد إلى عبارة الكتاب واعلم أن قول المصنف : ( احتمل السقوط ) يريد به