______________________________________________________
وثانيها : ـ وهو الأقرب عند المصنف والأظهر في الفتوى ـ عدم وجوب شيء منها ، لأن مناط الوجوب التسليم التام ، وهو منتف فينتفي الوجوب ، ومما ذكرناه في ضعف الوجه الأول والثالث يتبيّن وجه القرب هنا.
وثالثها : التقسيط ، فيجب نصف النفقة في مقابل التسليم ليلا ، لأنه نصف الزمان عادة ، ويسقط النصف في مقابل المنع نهارا ، لأن التسليم المقتضي للإنفاق قد حصل في بعض الزمان ، والمنع المقتضي للسقوط قد حصل في بعض ، فوجب أن يوفر على كل مقتضاه ، كما لو نشزت الحرة نهارا ثم أطاعت ليلا فإن نفقة النهار تسقط وتجب نفقة الليل.
وقيل في التقسيط : إن نفقة الليل على الزوج فيجب عليه العشاء وما تحتاج إليه من الملبس في الليل ، وعلى السيد الغداء وما تحتاج إليه من الملبس في النهار.
وفيه نظر ، لأن التسليم التام هو التسليم الذي ظاهره عموم الأزمنة وشمول جميع الاستمتاعات. فكما أن التمكين من بعض الاستمتاعات والمنع من بعضها لا يجب معه شيء من النفقة ولا تكون موزعة على الاستمتاعات ، فكذا التمكين في بعض الزمان مع المنع في بعض.
ويزيده بيانا أن الأصل عدم استحقاق النفقة بدون التسليم بجميع الزمان ، ولم يثبت كون التسليم ببعض الزمان سببا في وجوب النفقة أو شيء منها ، فينتفي الوجوب بانتفاء مقتضيه.
هذا كله إذا لم يسافر بها السيد ، فإن سافر بها لم يكلّف الزوج السفر معها ليترتب عليه الإنفاق مع التمكين ، فإذا تخلف سقط وجوب الإنفاق قولا واحدا.
ولا يخفى أن قول المصنف : ( وإنما تجب النفقة بالتسليم ليلا ونهارا ) يقتضي أن لا تجب النفقة بدونه ، وقوله : ( فلو سلّمها. ) إنما يدل على سقوط النصف ، فهو تفريع غير مستحسن.