______________________________________________________
وقد ذكر لكل من هذه الأقوال حجج واهية وتوجيهات قاصرة ليس في التعرض لها كثير فائدة ، والأصح أن المسكين أسوأ حالا من الفقير ، وأنه المحتاج الذي يسأل ، والفقير المحتاج الذي لا يسأل ، لما رواه الكليني ـ رضياللهعنه ـ في الصحيح ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهماالسلام : أنه سأله عن الفقير والمسكين فقال : « الفقير الذي لا يسأل ، والمسكين الذي هو أجهد منه الذي يسأل » (١).
وعن أبي بصير قال ، قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : قول الله عزّ وجلّ ( إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ ) (٢) قال : « الفقير الذي لا يسأل الناس ، والمسكين أجهد منه ، والبائس أجهدهم » (٣).
قال الشارح ـ قدسسره ـ : واعلم أن الفقراء والمساكين متى ذكر أحدهما خاصة دخل فيه الآخر بغير خلاف ، نصّ على ذلك جماعة منهم الشيخ والعلاّمة كما في آية الكفارة المخصوصة بالمسكين فيدخل فيه الفقير ، وإنما الخلاف فيما لو جمعا كما في آية الزكاة لا غير ، والأصح أنهما متغايران ، لنص أهل اللغة ، وصحيحة أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : « الفقير الذي لا يسأل الناس ، والمسكين أجهد منه » ولا ثمرة مهمة في تحقيق ذلك ، للاتفاق على استحقاقهما من الزكاة حيث ذكرا ، ودخول أحدهما تحت الآخر حيث يذكر أحدهما ، وإنما تظهر الفائدة نادرا فيما لو نذر أو وقف أو أوصى لأسوئهما حالا ، فإن الآخر لا يدخل فيه بخلاف العكس (٤). هذا كلامه ـ رحمهالله ـ وفيه نظر من وجوه :
__________________
(١) الكافي ٣ : ٥٠٢ ـ ١٨ ، الوسائل ٦ : ١٤٤ أبواب المستحقين للزكاة ب ١ ح ٢.
(٢) التوبة : ٦٠.
(٣) الكافي ٣ : ٥٠١ ـ ١٦ ، التهذيب ٤ : ١٠٤ ـ ٢٩٧ ، الوسائل ٦ : ١٤٤ أبواب المستحقين للزكاة ب ١ ح ٣.
(٤) المسالك ١ : ٥٩.