______________________________________________________
الأول : قوله : إن الفقراء والمساكين متى ذكر أحدهما خاصة دخل فيه الآخر بغير خلاف ، مشكل جدا بعد ثبوت التغاير ، لأن إطلاق لفظ أحدهما وإرادة الآخر مجاز لا يصار إليه إلاّ مع القرينة ، ومع انتفائها يجب حمل اللفظ على حقيقته.
وربما كان في كلام المصنف في المعتبر إشعار بما ذكرناه ، فإنه قال بعد أن ذكر الخلاف في أيهما أسوأ حالا : ولا ثمرة لتحقيق أحد المذهبين في هذا المقام ، وربما كان له أثر في غيره (١). ونحوه قال العلاّمة ـ رحمهالله ـ في التذكرة (٢). وقال الشهيد في البيان بعد أن نقل عن الشيخ والراوندي والفاضل أنهم قالوا يدخل كل منهما في إطلاق لفظ الآخر : فإن أرادوا به حقيقة ففيه منع ، ويوافقون على أنهما إذا اجتمعا كما في الآية يحتاج إلى فصل يميّز بينهما (٣).
وبالجملة : فالمتجه بعد ثبوت التغاير عدم دخول أحدهما في إطلاق لفظ الآخر إلاّ بقرينة ، وما ذكره ـ رحمهالله ـ من عدم تحقق الخلاف في ذلك لا يكفي في إثبات هذا الحكم ، لأن عدم العلم بالخلاف لا يقتضي العلم بانتفاء الخلاف ، والحجة في الثاني دون الأول.
الثاني : استدلاله على التغاير بنص أهل اللغة ورواية أبي بصير غير جيد ، لأن أهل اللغة مختلفون في ذلك كما نقلناه ، ورواية أبي بصير ضعيفة السند باشتراك راويها بين الثقة والضعيف ، وبأن من جملة رجالها عبد الله بن يحيى ( والظاهر أنه الكاهلي وهو غير موثق ) (٤) والأجود الاستدلال على ذلك برواية محمد بن مسلم فإنها صحيحة السند واضحة الدلالة ، ولم يحتج بها أحد من الأصحاب فيما أعلم.
__________________
(١) المعتبر ٢ : ٥٦٥.
(٢) التذكرة ١ : ٢٣٠.
(٣) البيان : ١٩٣.
(٤) ما بين القوسين مشطوبة في « ض ».