______________________________________________________
عن المعارض ومن المنكر لم يقدح إرسال الرواية الموافقة لفتواهم ، فإنا نعلم ما ذهب إليه أبو حنيفة والشافعي وإن كان الناقل عنهم ممن لا يعتمد على قوله ، وربما لم يعلم الناقل عنهم بلا فصل وإن علمنا نقل المتأخرين له. وليس كلما أسند عن مجهول لا يعلم نسبته إلى صاحب المقالة ، ولو قال إنسان لا أعلم مذهب أبي هاشم في الكلام ولا مذهب الشافعي في الفقه لأنه لم ينقل مسندا كان متجاهلا ، وكذا مذهب أهل البيت عليهمالسلام ينسب إليهم بحكاية بعض شيعتهم سواء أرسل أو أسند إذا لم ينقل عنهم ما يعارضه ولا رده الفضلاء منهم (١). هذا كلامه رحمهالله.
وما ذكره من أن النقل إذا سلم عن المعارض وعن المنكر لم يقدح إرسال الرواية غير واضح ، فإن انتفاء ذلك لا يقتضي قبول المراسيل التي يحتمل كون المرسل عنه عدلا وفاسقا ، مع أن الأصل والإطلاقات تكفي في المعارضة هنا ، وإذا كانت الرواية مطابقة لمقتضى الأصل والعمومات تكون الحجة في ذلك ، لا في نفس الرواية.
أما قوله : إنا نعلم ما ذهب إليه أبو حنيفة والشافعي وإن كان الناقل عنهم غير معتمد ، فجيد ، لأن ذلك يكون من باب التواتر وهو يتحقق بإخبار العدل وغيره ، ومثل ذلك العلم بكون المسح والمتعة ونحوهما مذهبا لأهل البيت عليهمالسلام ، إلا أن ذلك إنما يتفق في آحاد المسائل لا في مثل هذه المسألة كما يشهد به الوجدان.
وخالف في هذا الحكم ابن إدريس فقال : لا يجوز له أن يأخذ فاضل نصيبهم ، ولا يجب عليه إكمال ما نقص لهم (٢). واستدل بوجوه ثلاثة :
الأول : إن مستحق الأصناف يختص بهم ، فلا يجوز التسلط على
__________________
(١) المعتبر ٢ : ٦٣٩.
(٢) السرائر : ١١٤.