______________________________________________________
الإسلام إن كان النذر مطلقا أو مقيدا بما يزيد عن تلك السنة أو بمغايرها ، لأن وجوبها على الفور بخلاف المنذورة على هذا الوجه ، وإلا قدّم النذر ، لعدم تحقق الاستطاعة في تلك السنة ، لأن المانع الشرعي كالمانع العقلي. وعلى هذا فيراعى في وجوب حج الإسلام بقاء الاستطاعة إلى السنة الثانية.
واعتبر الشهيد في الدروس في حج النذر الاستطاعة الشرعية ، وحكم بتقديم حج النذر مع حصول الاستطاعة بعده وإن كان مطلقا (١). وكلا الحكمين مشكل ، أما الأول فلأن الاستطاعة بهذا المعنى إنما ثبت اعتبارها في حج الإسلام ، وغيره من الواجبات يراعى فيه التمكن من الفعل خاصة.
وأما الثاني فلأن النذر المطلق موسع وحجة الإسلام مضيقة ، والمضيق مقدم على الموسع.
الثالثة : أن يطلق النذر ، بأن لا يقصد حجة الإسلام ولا غيرها. وقد اختلف الأصحاب في هذه المسألة ، فذهب الأكثر ومنهم الشيخ في الجمل والخلاف (٢) وابن البراج (٣) وابن إدريس (٤) إلى أن حكمها كالثانية ، تعويلا على أن اختلاف السبب يقتضي اختلاف المسبب. وهو احتجاج ضعيف ، فإن هذا الاقتضاء إنما يتم في الأسباب الحقيقية دون المعرفات الشرعية ، ولذا حكم كل من قال بانعقاد نذر الواجب بالتداخل إذا تعلق النذر بحج الإسلام من غير التفات إلى اختلاف الأسباب.
وقال الشيخ في النهاية : إن نوى حج النذر أجزأ عن حج الإسلام ، وإن نوى حجة الإسلام لم يجزئه عن المنذورة (٥). ومرجع هذا القول إلى التداخل مطلقا ، وإنما لم يكن الحج المنوي به حج الإسلام خاصة مجزيا
__________________
(١) الدروس : ٨٦.
(٢) الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ٢٢٤ ، والخلاف ١ : ٤٧٨.
(٣) المهذب ١ : ٢٦٨ ، وجواهر الفقه ( الجوامع الفقهية ) : ٤٨٠.
(٤) السرائر : ١٢١.
(٥) النهاية : ٢٠٥.