______________________________________________________
وربما استدل على عدم فساد الحج بذلك بصحيحة هشام بن سالم وغيره ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، أنه قال في التقدم من منى إلى عرفات قبل طلوع الشمس : « لا بأس به » ، والتقدم من المزدلفة إلى منى ، يرمون الجمار ويصلون الفجر في منازلهم بمنى : « لا بأس » (١) وهو استدلال ضعيف ، فإنها محمولة على المضطر وما في معناه ، لامتناع حملها على ظاهرها إجماعا ، فلا يتم الاستدلال بها على المطلوب.
وقال ابن إدريس : إن من أفاض قبل طلوع الفجر عامدا مختارا يبطل حجة ، لأن الوقوف بالمشعر من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ركن ، فيبطل بالإخلال به (٢).
وأجاب عنه العلامة في المنتهى بالمنع من ذلك ، قال : فإنا لا نسلم له أن الوقوف بعد طلوع الفجر ركن ، نعم مطلق الوقوف ليلة النحر أو يومه ركن ، أما بعد طلوع الفجر فلا نسلم له ذلك ، وكون الوقوف يجب أن يكون بعد طلوع الفجر لا يعطي كون الوقوف في هذا الوقت ركنا (٣). وهو غير جيد ، فإن مجرد الحكم بوجوب الوقوف بعد الفجر كاف في عدم تحقق الامتثال بدون الإتيان به إلى أن تثبت الصحة مع الإخلال به بدليل من خارج.
ثم قال : وقول ابن إدريس لا نعرف لا موافقا فكان خارقا للإجماع (٤). وضعفه ظاهر ، فإن عدم العلم بالموافق لا يقتضي انعقاد الإجماع على خلافه.
__________________
(١) التهذيب ٥ : ١٩٣ ـ ٦٤٣ ، الإستبصار ٢ : ٢٥٦ ـ ٩٠٣ ، الوسائل ١٠ : ٥٢ أبواب الوقوف بالمشعر ب ١٧ ح ٨.
(٢) السرائر : ١٣٨ ـ ١٣٩.
(٣) المنتهى ٢ : ٧٢٦.
(٤) المنتهى ٢ : ٧٢٥.