وطرح الخبرين (١) معا والرجوع إلى علامات الحل والحرمة مع دعوى تحقق الأولى في الزاغ والغداف أو في أحدهما وتحقق الثانية في غيرهما لا يوافق أصول المذهب بعد جمعهما لشرائط الحجية ، على أن الثلاثة من علامات الحل في المجهول الذي لم يرد فيه من الشرع تحريم ، فليس حينئذ إلا الترجيح بينهما على إطلاقهما ، ولا يخفى عليك أن رواية التحريم (٢) أصح سندا ومعتضدة بغيرها مما دل عليه من نص وإجماع محكي ومخالفة العامة والاحتياط وأصالة عدم التذكية وغير ذلك.
واحتمال معارضة ذلك ـ بأن رواية الحل (٣) أصرح دلالة ، لأعمية عدم الحل من الحرمة ، وصلاحيتها قرينة على إرادة الكراهة ، خصوصا بعد اشتمالها على تنزه النفس ، وباعتضادها بخبر غياث (٤) المشتمل على التصريح بالكراهة ، وبعمومات الحل وعلاماته ـ يدفعه أن حمل عدم الحل على الكراهة ليس بأولى من حمل الحل على التقية المتعارف خروج النصوص مخرجها ، ودعوى عدم العلم بمذاهب العامة في ذلك بل المحكي عنهم التفصيل لا تعارض دعوى ثبوتها من المطلع على مذاهبهم ، والكراهة في خبر غياث أعم منها بالمعنى المصطلح ، على أنه مشتمل على التعليل بكونه فاسقا ، بل فيه إشعار بموافقة النبوي المشتمل على ترك النبي صلىاللهعليهوآله لما جيء به إليه وسماه فاسقا ، وعمومات الحل يدفعها ما عرفت سابقا من أصالة عدم التذكية ومعظم علاماته في المجهول ، كما ستعرف.
بل قد يقال : إن الغراب جميعه له مخلب وإن كان مخلب الزاغ والغداف منه ضعيفا ، خصوصا بناء على إرادة مطلق الظفر منه ، نحو
_________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة ـ الحديث ١ و ٣.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة ـ الحديث ٣.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة ـ الحديث ١.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة ـ الحديث ٢.