ومعنا أبو بصير وأناس من أهل الجبل يسألونه عن ذبائح أهل الكتاب ، فقال لهم أبو عبد الله عليهالسلام : قد سمعتم ما قال الله عز وجل في كتابه ، فقالوا له : نحب أن تخبرنا ، فقال : لا تأكلوها ، فلما خرجنا قال أبو بصير : كلها في عنقي ما فيها ، فقد سمعته وسمعت أباه عليهماالسلام جميعا يأمران بأكلها ، فرجعنا إليه ، فقال لي أبو بصير : سله فقلت : جعلت فداك ما تقول في ذبائح أهل الكتاب؟ فقال : أليس قد شهدتنا بالغداة وسمعت؟ قلت : بلى ، فقال : لا تأكلها ، ثم قال : سله الثانية ، فقال لي مثل مقالته الأولى ، وأعاد أبو بصير ، فقال لي قوله الأول : في عنقي كلها ، ثم قال لي : سله ، فقلت : لا أسأله بعد مرتين ».
وقال سعيد بن جناح وعدة من أصحابنا ـ بل عن العبيدي أنه حدث به أيضا ـ عن ابن أبي عمير (١) « إن ابن أبي يعفور ومعلى بن خنيس كانا بالنيل على عهد أبي عبد الله عليهالسلام فاختلفا في ذبائح اليهود ، فأكل المعلى ولم يأكل ابن أبي يعفور ، فلما صارا إلى أبي عبد الله عليهالسلام أخبراه ، فرضي بفعل ابن أبي يعفور وخطأ المعلى في أكله إياه ».
ومن الغريب بعد ذلك إطناب ثاني الشهيدين في المسالك وبعض أتباعه في تأييد القول بالجواز واختياره ، وذكر الجمع بالكراهة ونحوه ، وذكره فيها ما لو وقع من غيره لعد من الخرافات.
( و ) أغرب من هذا أن الفاضل في الرياض مع اعتداله وشدة أطنابه في الإنكار على ثاني الشهيدين في ميلة إلى القول بالجواز مال بعض الميل إلى العمل إلى ما سمعته ( في رواية ثالثة ) (٢) مقابلة لروايتي (٣) الجواز
_________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب الذبائح ـ الحديث ١٦.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب الذبائح ـ الحديث ٣٩.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب الذبائح.