وعن ابن عبّاس : جاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سلام بن مشكم ونعمان بن أوفى وشاس بن قيس ومالك بن الصيف فقالوا ذلك.
وقيل : قائله فنحاص. وسبب هذا القول أنّ اليهود قتلوا الأنبياء بعد موسى عليهالسلام ، فرفع الله عنهم التوراة ومحاها من قلوبهم ، فخرج عزير وهو غلام يسيح في الأرض ، فأتاه جبرئيل فقال له : إلى أين تذهب؟ قال : أطلب العلم ، فحفّظه التوراة ، فأملاها عليهم عن ظهر لسانه لا يخرم حرفا ، فقالوا : ما جمع الله التوراة في صدره وهو غلام إلّا لأنّه ابنه.
(وَقالَتِ النَّصارى) أي : بعضهم (الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ) وإنّما قالوه استحالة لأن يكون ولد بلا أب ، أو لأنّه لا يفعل ما فعله من إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى من لم يكن إلها.
(ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ) إمّا تأكيد لنسبة هذا القول إليهم ، ونفي للتجوّز عنها ، أو إشعار بأنّه قول مجرّد عن برهان وتحقيق ، مماثل للمهمل الّذي يوجد في الأفواه ولا يوجد مفهومه في الأعيان (يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي : يضاهي قولهم قول الّذين كفروا ، بحذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه. والمضاهاة المشابهة ، والهمزة لغة فيه ، وقد قرأ به عاصم ، ومنه قولهم : امرأة ضهياء على فعيل ، للّتي شابهت الرجال في أنّها لا تحيض (مِنْ قَبْلُ) أي : من قبلهم. والمعنى : أنّ الّذين كانوا في عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من اليهود والنصارى يضاهي قولهم قول قدمائهم ، على معنى أنّ الكفر قديم فيهم ، أو قول المشركين الّذين قالوا : الملائكة بنات الله ، أو قول اليهود على أنّ الضمير للنصارى.
(قاتَلَهُمُ اللهُ) دعاء عليهم بالإهلاك ، فإنّ من قاتله الله تعالى هلك ، أو تعجّب من شناعة قولهم. وقال ابن الأنباري : المقاتلة من القتل ، فإذا أخبر عن الله بها كانت بمعنى اللعنة ، لأنّ من لعنه الله فهو بمنزلة المقتول الهالك. (أَنَّى يُؤْفَكُونَ) كيف