يصرفون عن الحقّ إلى الباطل.
(اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) بأن أطاعوهم في تحريم ما أحلّ الله وتحليل ما حرّم الله ، أو بالسجود لهم ، كما تطاع الأرباب في أوامرهم.
ولهذا يسمّى أتباع الشيطان فيما يوسوس به عباده ، كما قال الله تعالى : (يَعْبُدُونَ الْجِنَ) (١). (يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ) (٢).
روى الثعلبي بإسناده عن عديّ بن حاتم قال : «أتيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وفي عنقي صليب من ذهب ، فقال لي : يا عديّ اطرح هذا الوثن من عنقك. قال : فطرحته ، ثمّ انتهيت إليه وهو يقرأ من سورة براءة هذه الآية : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ). فقلت : إنّا لسنا نعبدهم. فقال : أليسوا يحرّمون ما أحلّ الله فتحرّمونه ، ويحلّون ما حرّمه فتحلّونه؟ قلت : بلى. قال : فتلك عبادتهم.
وروي عن أبي جعفر عليهالسلام وأبي عبد الله عليهالسلام أنّهما قالا : «أما والله ما صاموا لهم ولا صلّوا ، ولكنّهم أحلّوا لهم حراما وحرّموا عليهم حلالا ، فاتّبعوهم فعبدوهم من حيث لا يشعرون».
وعن فضيل : ما ابالي أطعت مخلوقا في معصية الخالق ، أو صلّيت لغير القبلة.
(وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ) أهّلوه للعبادة حين جعلوه ابنا لله تعالى. الا ترى إلى قوله تعالى : (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) (٣). (وَما أُمِرُوا) وما أمر المتّخذون أو المتّخذون أربابا ، فيكون كالدليل على بطلان الاتّخاذ (إِلَّا لِيَعْبُدُوا) ليطيعوا (إِلهاً واحِداً) وهو الله تعالى. وأمّا طاعة الرسول وسائر من أمر الله تعالى
__________________
(١) سبأ : ٤١.
(٢) مريم : ٤٤.
(٣) الزخرف : ٨١.