بطاعته فهو في الحقيقة طاعة الله تعالى. والأمر هو أدلّة العقل والنصوص في الإنجيل (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) صفة ثانية ، أو استئناف مقرّر للتوحيد (سُبْحانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) تنزيه له عن أن يكون له شريك.
(يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا) يخمدوا (نُورَ اللهِ) حجّته الدّالة على وحدانيّته وتقدّسه عن الولد ، أو القرآن ، أو نبوّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم (بِأَفْواهِهِمْ) بشركهم ، أو بتكذيبهم (وَيَأْبَى اللهُ) الإباء في الأصل المنع والامتناع ، وقد جرى مجرى عدم الإرادة والرضا هاهنا. فالمعنى : ولا يريد ولا يرضى (إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ) بإعلاء التوحيد وإعزاز الإسلام. وإنّما صحّ الاستثناء المفرّغ والفعل موجب ، لأنّه في معنى النفي كما فسّر.
وقيل : إنّه سبحانه مثّل حالهم في طلبهم إبطال نبوّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم بتكذيبه ، بحال من يريد أن ينفخ في نور عظيم منبثّ في الآفاق ، يريد الله أن يزيده ويبلغه الغاية القصوى من الإضاءة والإنارة ، ليطفئه بنفخه ويطمسه.
(وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) محذوف الجواب ، وهو : لأتمّ ، لدلالة ما قبله عليه.
وقوله : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى) بالحجج والدلائل المبيّنة (وَدِينِ الْحَقِ) أي : الإسلام وما تضمّنه من أحكامه (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) كالبيان (١) لقوله : (وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ) ولذلك كرّر (وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) غير أنّه وضع «المشركون» موضع «الكافرون» ، للدلالة على أنّهم ضمّوا الكفر بالرسول إلى الشرك بالله. والضمير في «ليظهره» للدّين الحقّ أو للرسول. واللام في الدين للجنس ، أي : ليعلي دين الإسلام على سائر الأديان بالحجّة والغلبة فينسخها ، أو على أهلها فيخذلهم حتّى لا يبقى على وجه الأرض إلّا مغلوب ، فلا يغلب أحد أهل الإسلام بالحجّة ، وهم يغلبون أهل سائر الأديان بالحجّة. وأمّا الظهور بالغلبة ،
__________________
(١) خبر لقوله : وقوله ، في أوّل العبارة.