النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم المدينة حسده ، وجمع الجيوش عليه يوم الأحزاب ، فلمّا انهزموا خرج إلى الشام ولحق إلى الروم فتنصّر ، ومات بقنّسرين وحيدا.
(وَلَيَحْلِفُنَ) يعني : هؤلاء المنافقين (إِنْ أَرَدْنا إِلَّا الْحُسْنى) ما أردنا ببنائه إلّا الخصلة الحسنى ، أو لإرادة الحسنى ، وهي الصلاة والذكر والتوسعة على المصلّين (وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) في حلفهم.
(لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً) للصّلاة (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى) يعني : مسجد قبا أسّسه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وصلّى فيه أيّام مقامه بقبا من الاثنين إلى الجمعة. وقبا اسم قرية من قرى المدينة. وهذا أوفق للقصّة. وقيل : إنّه مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لقول أبي سعيد : سألت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عنه فقال : هو مسجدكم هذا مسجد المدينة.
(مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ) من أيّام وجوده. و «من» يعمّ الزمان والمكان. (أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ) أولى بأن تصلّي فيه (فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا) من المعاصي والخصال المذمومة طلبا لمرضاة الله. وقيل : من الجنابة ، فلا ينامون عليها. (وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) يرضى عنهم ويدنيهم من جنابه إدناء المحبّ حبيبه.
وبعد نزول الآية عند قدوم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من تبوك دعا بمالك بن الدخشم ومعن بن عدي وعامر بن السكن ووحشي فقال لهم : انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدموه وأحرقوه ، ففعل واتّخذ مكانه كناسة.
قيل : لمّا نزلت مشى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومعه المهاجرون حتّى وقف على باب مسجد قبا ، فإذا الأنصار جلوس ، فقال : أمؤمنون أنتم؟ فسكتوا ، فأعادها.
فقال عمر : إنّهم مؤمنون وأنا معهم.
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : أترضون بالقضاء؟
قالوا : نعم.
قال : أتصبرون على البلاء؟