الوادي ، واغتسلوا وتوضّؤوا ، واتّخذوا الحياض على عدوة (١) الوادي ، وتلبّد (٢) الرمل الّذي كان بينهم وبين العدوّ حتّى ثبتت عليه الأقدام ، وزالت وسوسة الشيطان ، وطابت النفوس.
(وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ) وليشدّ عليها. ومعناه : يشجّع قلوبكم ، ويزيدكم قوّة قلب وسكون نفس ، والثقة على لطف الله (وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ) أي : بالمطر حتّى لا تسوخ في الرمل ، أو بالربط على القلوب حتّى تثبت في المعركة ، فإنّ الجرأة تثبّت القدم في مواطن الحرب.
(إِذْ يُوحِي رَبُّكَ) بدل ثالث ، أو متعلّق بـ «يثبّت» (إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ) في إعانتهم وتثبيتهم. وهو مفعول «يوحي». (فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا) بالبشارة ، أو بتكثير سوادهم ، أو بمجاهدة أعدائهم.
وقوله : (سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ) كالتفسير لقوله : (أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا). ولا معونة أعظم من إلقاء الرعب في قلوب الكفّار ، ولا تثبيت أبلغ من ضرب أعناقهم. (فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ) أي : أعاليها الّتي هي المذابح ، لأنّها مفاصل ، فكان إيقاع الضرب فيها حزّا وتطييرا للرؤوس ، لأنّها فوق الأعناق (وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ) أصابع ، أي : حزّوا رقابهم واقطعوا أطرافهم من اليدين والرجلين ، فإنّ الضرب إمّا واقع على مقتل أو غير مقتل ، فأمرهم بأن يجمعوا عليهم النوعين معا.
وفيه دليل على أنّهم قاتلوا. ومن منع ذلك جعل الخطاب فيه مع المؤمنين ، إمّا على تغيير الخطاب ، أو على أنّ قوله : «سألقي» إلى قوله : «كلّ بنان» تلقين للملائكة ما يثبّتون المؤمنين به ، كأنّه قال : قولوا لهم قولي هذا.
(ذلِكَ) إشارة إلى ما وقع بهم من القتل أو الأمر به. والخطاب في «ذلك»
__________________
(١) العدوة : المكان المتباعد ، أو المرتفع.
(٢) تلبّد الرمل أي : تجمّع ولصق بعضه ببعض.