وعن أبي داود المازني : تبعت رجلا من المشركين لأضربه يوم بدر ، فوقع رأسه بين يدي قبل أن يصل إليه سيفي.
وقوله : (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ) بدل ثان من «إذ يعدكم» ، أو متعلّق بالنصر ، أو بما في «عند الله» من معنى الفعل ، أو يجعل «أو» بإضمار «اذكر».
وقرأ نافع بالتخفيف ، من : أغشيته الشيء إذا غشّيته إيّاه. والفاعل على القراءتين هو الله تعالى. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو : يغشاكم النّعاس بالرفع.
(أَمَنَةً مِنْهُ) أمنا من الله تعالى. وهو مفعول له باعتبار المعنى ، فإنّ قوله (يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ) متضمّن معنى : تنعسون ، و «يغشاكم» بمعناه ، فيكون فاعل الفعل المعلّل والعلّة واحدا. و «منه» صفة لـ «أمنة». والمعنى : إذ يتغشّون لأمنكم الحاصل من الله بإزالة الرعب من قلوبكم ، فإنّ الإنسان لا يأخذه النوم في حال الخوف ، فآمنهم الله تعالى بزوال الرعب عن قلوبهم ، كما يقال : الخوف مسهر ، والأمن منيم. والأمنة الدعة الّتي تنافي المخافة.
وعن ابن عبّاس : النعاس في القتال أمنة من الله ، وفي الصلاة وسوسة الشيطان.
(وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) من الحدث والجنابة (وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ) يعني : الجنابة ، لأنّه من تخييله أو وسوسته وتخويفه إيّاهم من العطش ، وذلك أنّ المشركين قد سبقوهم إلى الماء ، ونزل المسلمون في كثيب (١) أعفر تسوخ فيه الأقدام ، وناموا فاحتلم أكثرهم ، فتمثّل لهم إبليس وقال : يا أصحاب محمد أنتم تزعمون أنّكم على الحقّ ، وأنتم تصلّون على الجنابة ، وقد عطشتم ، ولو كنتم على حقّ ما غلبكم هؤلاء على الماء ، وها هم الآن يمشون إليكم ، فيقتلونكم ويسوقون بقيّتكم إلى مكّة. فحزنوا لذلك ، فأنزل الله المطر ، فمطروا ليلا حتّى جرى
__________________
(١) الكثيب : التلّ من الرمل.