ثُمَّ كِيدُونِ) (١). وقيل : إنّه معطوف على «أمركم» بحذف المضاف ، أي : وأمر شركائكم. وقيل : إنّه منصوب بفعل محذوف ، تقديره : وادعوا شركاءكم. وعن نافع : فاجمعوا من الجمع. والمعنى : أمرهم بالعزم أو الاجتماع على قصده ، والسعي في إهلاكه على أيّ وجه يمكنهم.
(ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ) قصدكم إلى إهلاكي (عَلَيْكُمْ غُمَّةً) مستورا ، واجعلوه ظاهرا مكشوفا ، من : غمّه إذا ستره. وفي الحديث : «لا غمّة في الفرائض». وإنّما قال ذلك إظهارا لقلّة مبالاته ، وثقته بما وعده ربّه من كلاءته وعصمته إيّاه ، وأنّهم لن يجدوا إليه سبيلا. أو المعنى : ثمّ لا يكن حالكم عليكم غمّا وهمّا إذا أهلكتموني ، وتخلّصتم من ثقل مقامي وتذكيري. (ثُمَّ اقْضُوا) أدّوا (إِلَيَ) ذلك الأمر الّذي تريدون بي (وَلا تُنْظِرُونِ) ولا تمهلوني.
(فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ) أعرضتم عن تذكيري ونصيحتي ، وعن اتّباع الحقّ (فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ) يوجب تولّيكم لثقله عليكم ، واتّهامكم إيّاي لأجله (إِنْ أَجْرِيَ) ما ثوابي في الآخرة على الدعوة والتذكير (إِلَّا عَلَى اللهِ) لا تعلّق له بكم ، يثيبني به آمنتم أو تولّيتم. والمعنى : ما نصحتكم إلّا لوجه الله لا لغرض من أغراض الدنيا.
(وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) المستسلمين المنقادين لحكمه ، لا أخالف أمره ولا أرجو غيره.
(فَكَذَّبُوهُ) فأصرّوا على تكذيبه بعد ما ألزمهم الحجّة ، وبيّن أنّ تولّيهم ليس إلّا لعنادهم وتمرّدهم ، لا جرم حقّت عليهم كلمة العذاب (فَنَجَّيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ) من الغرق (فِي الْفُلْكِ) في السفينة ، وكانوا ثمانين (وَجَعَلْناهُمْ) وجعلنا الّذين نجوا مع نوح (خَلائِفَ) خلفا لمن هلك بالغرق (وَأَغْرَقْنَا) بالطوفان (الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَانْظُرْ) أيّها السامع (كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ). هذا تعظيم لما جرى
__________________
(١) الأعراف : ١٩٥.