عليهم ، وتحذير لمن كذّب الرسول ، وتسلية له صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(ثُمَّ بَعَثْنا) أرسلنا (مِنْ بَعْدِهِ) من بعد نوح (رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ) يعني : هودا وصالحا وإبراهيم ولوطا وشعيبا ، كلّ رسول إلى قومه (فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) بالمعجزات الواضحة ، والحجج المبيّنة ، المثبتة لدعواهم (فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا) فما استقام لهم أن يؤمنوا ، لشدّة شكيمتهم في الكفر ، وتصميمهم على العناد والمكابرة ، كما قال : (بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ) أي : بسبب تعوّدهم تكذيب الحقّ ، وتمرّنهم عليه قبل بعثة الرسل إليهم. يعني : لم يكن بين حالتيهم فرق قبل البعثة وبعدها.
(كَذلِكَ) أي : مثل ذلك الطبع والخذلان والتخلية (نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ) أي نخذلهم ونسدّ عليهم أبواب التوفيق وأسباب اللطف ، لانهماكهم في الضلال ، وتوغّلهم في اتّباع الغيّ والعناد واللجاج. أو نجعل على قلوبهم سمة وعلامة على كفرهم ليعرفهم بها الملائكة فيلعنوهم. وباقي وجوه المعاني في الطبع قد مرّ (١) في أوائل سورة البقرة.
(ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى وَهارُونَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ بِآياتِنا فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ (٧٥) فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا إِنَّ هذا لَسِحْرٌ مُبِينٌ (٧٦) قالَ مُوسى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَكُمْ أَسِحْرٌ هذا وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ (٧٧) قالُوا أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا
__________________
(١) راجع ج ١ : ٥٤.