لَسِحْرٌ مُبِينٌ) ظاهر أنّه سحر ، أو فائق فيه ، واضح فيما بين إخوانه.
(قالَ مُوسى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِ) للمعجز الثابت (لَمَّا جاءَكُمْ) إنّه لسحر ، فحذف المحكيّ المقول لدلالة ما قبله عليه. ولا يجوز أن يكون (أَسِحْرٌ هذا) ، لأنّهم جزموا القول ، بل هو استئناف بإنكار ما قالوه من عيبه والطعن عليه. اللهمّ إلّا أن يكون الاستفهام فيه للتقرير والمحكيّ مفهوم قولهم. ويجوز أن يكون معنى «أتقولون» : أتعيبونه وتطعنون فيه؟ من قولهم : فلان يخاف القالة ، أي : العيب ، كقوله تعالى : (سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ) (١) ، فيستغنى عن المفعول.
(وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ) من تمام كلام موسى عليهالسلام ، للدلالة على أنّه ليس بسحر ، فإنّه لو كان سحرا لاضمحلّ ولم يبطل سحر السحرة ، ولأنّ العالم بأنّه لا يفلح الساحر لا يسحر. ويجوز أن يكون قوله : (أَسِحْرٌ هذا وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ) حكاية من تمام قولهم ، كأنّهم قالوا : أجئتما بالسحر تطلبان به الفلاح ولا يفلح الساحرون ، كما قال موسى للسحرة : (ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ).
(قالُوا أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا) لتصرفنا. واللّفت والفتل أخوان ، ومطاوعهما الالتفات والانفتال. (عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا) من عبادة الأصنام (وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ) أي : الملك فيها. سمّي بها لأنّ الملوك موصوفون بالكبر أو التكبّر على الناس فيها باستتباعهم. (وَما نَحْنُ لَكُما بِمُؤْمِنِينَ) بمصدّقين فيما جئتما به.
(وَقالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ ساحِرٍ) وقرأ حمزة والكسائي : بكلّ سحّار (عَلِيمٍ) حاذق فيه.
(فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا ما أَنْتُمْ مُلْقُونَ فَلَمَّا أَلْقَوْا) حبالهم
__________________
(١) الأنبياء : ٦٠.