وعصيّهم المجوّفة المملوءة بالزئبق ، كما وقع في سورة طه (١) (قالَ مُوسى ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ) أي : الّذي جئتم به هو السحر ، لا الّذي سمّيتموه سحرا من المعجزات الباهرة.
وقرأ أبو عمرو : السحر ، على أنّ «ما» استفهاميّة مرفوعة بالابتداء ، و «جئتم به» خبرها ، و «السحر» بدل منه. أو خبر مبتدأ محذوف ، تقديره : أهو السحر؟ أو مبتدأ خبره محذوف ، أي : السحر هو؟ ويجوز أن ينتصب «ما» بفعل يفسّره ما بعده ، تقديره : أيّ شيء جئتم به أهو السحر؟
(إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ) سيمحقه ويدمّر عليه ، أو سيظهر بطلانه (إِنَّ اللهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ) لا يثبته ولا يقوّيه. وفيه دليل على أنّ السحر إفساد وتمويه لا حقيقة له.
(وَيُحِقُّ اللهُ الْحَقَ) ويثبته (بِكَلِماتِهِ) بأوامره وقضاياه ، ومواعيده بالنصر (وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) ذلك.
(فَما آمَنَ لِمُوسى) فما صدّقه في مبدأ أمره (إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ) إلّا طائفة من ذراري بني إسرائيل ، وذلك أنّ موسى عليهالسلام دعا الآباء فلم يجيبوه إلّا طائفة من شبّانهم. وقيل : الضمير لفرعون ، والذرّية : مؤمن آل فرعون ، وامرأته آسية ، وخازنه ، وزوجة خازنه ، وماشطته.
(عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ) أي : مع خوف منهم. والضمير لفرعون.
وجمعه على ما هو المعتاد في ضمير العظماء ، أو المراد بفرعون آله ، كما يقال : ربيعة ومضر. أو للذريّة أو للقوم ، أي : على خوف من فرعون وخوف من أشراف بني إسرائيل ، لأنّهم كانوا يمنعونهم خوفا من فرعون عليهم وعلى أنفسهم. (أَنْ يَفْتِنَهُمْ) أي : يعذّبهم فرعون. وهو بدل منه ، أو مفعول «خوف». وإفراده بالضمير
__________________
(١) طه : ٦٦.