للدلالة على أنّ الخوف من الملأ كان بسببه.
(وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ) لغالب فيها (وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ) في الكبر والعتوّ والظلم والفساد ، حتّى ادّعى الربوبيّة واسترقّ أسباط الأنبياء.
(وَقالَ مُوسى) لمّا رأى تخوّف المؤمنين به (يا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ) صدّقتم به وبآياته (فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا) اسندوا أمركم في العصمة من فرعون واعتمدوا عليه (إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ) مستسلمين منقادين لقضاء الله تعالى ، مخلصين له العبادة ، بحيث لا حظّ للشيطان فيها أصلا ورأسا. وليس هذا من تعليق الحكم بشرطين ، فإنّ المعلّق بالايمان وجوب التوكّل ، فإنّه المقتضي له ، والمشروط بالإسلام حصول التوكّل ، فإنّه لا يوجد مع التخليط. ونظيره : إن دعاك زيد فأجبه إن قدرت ، وإن ضربك زيد فاضربه إن كانت بك قوّة.
(فَقالُوا عَلَى اللهِ تَوَكَّلْنا) لأنّهم كانوا مؤمنين مخلصين ، ولذلك أجيبت دعوتهم ، فنجّاهم من فرعون وقومه ، وجعلهم خلفاء في أرضه. فمن أراد أن يصلح للتوكّل على ربّه والتفويض إليه ، فعليه برفض التخليط إلى الإخلاص.
(رَبَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنَةً) موضع فتنة (لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أي : لا تسلّطهم علينا تخلية فيفتنونا عن ديننا أو يعذّبونا.
(وَنَجِّنا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكافِرِينَ) من كيد فرعون وقومه ، ومن شؤم مشاهدتهم واستعبادهم إيّانا. وفي تقديم التوكّل على الدعاء تنبيه على أنّ الداعي ينبغي أن يتوكّل أوّلا لتجاب دعوته.
(وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (٨٧) وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ