في جوابه : إنّ ركنك لشديد. وعن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «رحم الله أخي لوطا كان يأوي إلى ركن شديد». وجواب «لو» محذوف ، تقديره : لدفعتكم.
روي أنّ لوطا أغلق بابه دون أضيافه ، وأخذ يجادلهم من وراء الباب ، فتسوّروا الجدار ، فلمّا رأت الملائكة ما على لوط من الكرب (قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ) لهلاكهم فلا تغتمّ (لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ) إلى إضرارك ، ولن يقدروا عليه بإضرارنا ، فهوّن عليك ، ودعنا وإيّاهم ، فخلّاهم أن يدخلوا ، ففتح الباب فدخلوا.
فاستأذن جبرئيل ربّه في عقوبتهم ، فأذن له ، فقام في الصورة الّتي يكون فيها فنشر جناحه ـ وله جناحان ، وعليه وشاح من درّ منظوم ، وهو براق الثنايا ـ فضرب جبرئيل بجناحه وجوههم ، فطمس أعينهم فأعماهم ، كما قال الله عزوجل : (فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ) (١).
وعن الصادق عليهالسلام : «كابر قوم لوط معه حتّى دخلوا البيت ، فصاح به جبرئيل أن يا لوط دعهم يدخلوا ، فلمّا دخلوا أهوى جبرئيل بإصبعه نحوهم فذهبت أعينهم ، فصاروا لا يعرفون الطريق ، فخرجوا يقولون : النجاء النجاء (٢) ، فإنّ في بيت لوط سحرة».
(فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ) بقطع الهمزة من الإسراء. وقرأ ابن كثير ونافع بالوصل حيث وقع في القرآن (٣) من السرى. (بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ) بطائفة منه. وعن ابن عبّاس : في ظلمة الليل. (وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ) ولا يتخلّف ، أو لا ينظر إلى ورائه. والأوّل قول ابن عبّاس ، والثاني قول مجاهد. والنهي في اللفظ لـ «أحد» وفي المعنى للوط.
وعلى هذا ، كأنّهم تعبّدوا بذلك للنجاة بالطاعة في هذه العبادة. (إِلَّا امْرَأَتَكَ) استثناء
__________________
(١) القمر : ٣٧.
(٢) أي : أسرعوا أسرعوا.
(٣) الحجر : ٦٥ ، طه : ٧٧ ، الشعراء : ٥٢ ، الدخان : ٢٣.