ويأخذه منه ، وهي ها هنا عبارة عن التمحّل لمواقعته إيّاها. وهذا الكلام أبلغ من : راودته امرأة العزيز أو زليخا ، لاستهجان ذكر المرأة في المراودة.
(وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ) قيل : كانت سبعة. والتشديد للتكثير ، أو للمبالغة في إيثاقها. (وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ) أي : أقبل وبادر ، أو تهيّأت. و «هيت» على الوجهين اسم فعل بني على الفتح ، كـ : أين. واللام للتبيين ، كالّتي في : سقيا لك ، كأنّه قال يوسف : لمن تهيّأت؟ فقالت : لك. وكذا في : سقيا.
وقرأ ابن كثير بضمّ التاء وفتح الهاء ، تشبيها له بـ «حيث». ونافع وابن عامر برواية ابن ذكوان بفتح التاء وكسر الهاء من غير همز ، كـ : عيط صوت يصاح به الغنم.
وهي لغة فيه. وهشام كذلك ، إلّا أنّه يهمز. وقد روي عنه ضمّ التاء.
(قالَ مَعاذَ اللهِ) أعوذ بالله معاذا (إِنَّهُ) إنّ الشّأن (رَبِّي) سيّدي قطفير (أَحْسَنَ مَثْوايَ) أحسن تعهّدي ، إذ قال لك فيّ : أكرمي مثواه ، فليس جزاؤه أن أخونه في أهله. وقيل : الضمير لله تعالى ، أي : أنّه خالقي وأحسن منزلتي ، بأن عطف عليّ قلب قطفير ، فلا أعصيه. (إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) أي : المجازون الحسن بالسيّء. وقيل : الزناة.
وفي هذه دلالة على أنّ يوسف لم يهمّ بالفاحشة ولم يردها بقبيح ، لأنّ من همّ بالقبيح لا يقول مثل ذلك. فقوله : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ) معناه : قصدت مخالطته قصدا اختياريّا ، فإنّ الهمّ بالشيء قصده والعزم عليه ، ومنه الهمّام الّذي إذا همّ بشيء أمضاه. (وَهَمَّ بِها) ومال إلى مخالطتها ميلا طبيعيّا بشريّا غير اختياريّ ، مع المنازعة إليها عن شهوة الشباب الّتي هي تحت القدرة والاختيار.
فالمراد بهمّه إيّاها ميل الطبع البشري مع الامتناع عنه ، لا القصد الاختياري والعزم على الفعل الّذي هو ممّا يدخل تحت التكليف. والحقيق بالمدح الجميل والأجر الجزيل من الله الجليل من يكفّ نفسه عن الفعل عند قيام هذا الهمّ ، ولو لم