«وهمّ بها» كما عرفت.
(كَذلِكَ) الكاف في محلّ النصب ، أي : مثل ذلك التثبيت ثبّتناه ، أو في محلّ الرفع ، أي : الأمر مثل ذلك (لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ) خيانة السيّد (وَالْفَحْشاءَ) الزنا (إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ) الّذين أخلصهم الله تعالى لطاعته. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر ويعقوب بالكسر في كلّ القرآن إذا كان محلّى باللام ، أي : الّذين أخلصوا دينهم لله تعالى.
فأخزى الله الحشويّة والجبريّة حيث أوردوا هذه القصّة على وجه يؤدّي إلى أنّ يوسف صلوات الله عليه عزم على ارتكاب الزنا الّذي هو أقبح القبائح وأفحش الفواحش ، فقالوا : إنّه حلّ تكّة سراويله ، وجلس من زليخا مجلس المجامع ، وقعد بين شعبها الأربع وهي مستلقية على قفاها. وفسّروا البرهان بأنّه سمع صوتا : إيّاك وإيّاها ، فلم يكترث ، فسمعه ثانيا فلم يعمل به ، فسمع ثالثا : أعرض عنها ، فلم ينجع فيه ، حتّى مثّل له يعقوب عاضّا على أنملته ، وضرب بيده في صدره ، فخرجت شهوته من أنامله.
وقالوا : كلّ ولد يعقوب له اثنا عشر ولدا إلّا يوسف ، فإنّه ولد له أحد عشر ولدا ، من أجل ما نقص من شهوته حين همّ.
وقالوا صيح بيوسف : لا تكن كالطائر كان له ريش فلمّا زنى قعد لا ريش له.
وقالوا : بدت كفّ فيما بينهما ليس لها عضد ولا معصم ، مكتوب فيها : (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ) (١) فلم ينصرف. ثمّ رأى فيها : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً) (٢) فلم ينتبه. ثمّ رأى فيها :
__________________
(١) الانفطار : ١٠ ـ ١١.
(٢) الإسراء : ٣٢.