شيء يسير لا يخاطر لمثله بالولد.
(قالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ) إذ رأيت منكم ما رأيت في يوسف (حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللهِ) حتّى تعطوني ما أتوثّق به من عند الله ، أي : عهدا مؤكّدا بذكر الله تعالى (لَتَأْتُنَّنِي بِهِ) جواب القسم ، إذ المعنى : حتّى تحلفوا بالله لتأتنّني به ، أي :
لتردّونه إليّ. روي عن ابن عبّاس : يعني : حتّى تحلفوا لي بحقّ محمّد خاتم النبيّين وسيّد المرسلين ألّا تعذروا بأخيكم. (إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ) إلا أن تغلبوا فلم تقدروا على الإتيان به ، أو إلا أن تهلكوا جميعا. وهو استثناء مفرّغ من أعمّ الأحوال.
والتقدير : لتأتنّني به على كلّ حال من الأحوال إلا حال الإحاطة بكم. أو من أعمّ العلل ، على أنّ قوله : (لَتَأْتُنَّنِي بِهِ) في تأويل النفي ، أي : لا تمتنعون من الإتيان به لعلّة من العلل إلا لعلّة الإحاطة بكم ، كقولهم : أقسمت بالله إلا فعلت ، أي : ما أطلب إلا فعلك.
(فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ) ما يوثق به من العهود والأيمان (قالَ اللهُ عَلى ما نَقُولُ) من طلب الموثق وإتيانه (وَكِيلٌ) رقيب مطّلع ، إن أخلفتم بعد ما أحلفتم.
(وَ) لمّا تجهّزوا للمسير إلى مصر (قالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ) لأنّهم كانوا ذوي جمال وأبّهة ، مشتهرين في مصر بالقربة والكرامة عند الملك ، فخاف عليهم أن يدخلوا كوكبة واحدة فيعانوا. وإنّما لم يوصّهم بذلك في الكرّة الأولى ، لأنّهم كانوا مجهولين حينئذ ، أو كان الداعي إليها خوفه على بنيامين.
واعلم أنّه خلاف بين العلماء في تأثير العين ، وجوّزه كثير من المحقّقين.
وروي فيه الخبر عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنّ العين حقّ ، والعين تستنزل الحالق».
والحالق : المكان المرتفع من الجبل وغيره. فجعل صلىاللهعليهوآلهوسلم العين كأنّها تحطّ ذروة الجبل ، من قوّة أخذها وشدّة بطشها.