ثمّ أخبره سبحانه وتعالى عن كمال قدرته ، فقال : (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً) من أذاه (وَطَمَعاً) في الغيث. وانتصابهما على العلّة بتقدير المضاف ، أي : إرادة خوف وطمع ، أو بتأويلهما بالإخافة والإطماع. أو على الحال من البرق ، كأنّه في نفسه خوف وطمع ، أو المخاطبين على إضمار «ذو». أو إطلاق المصدر بمعنى المفعول أو الفاعل للمبالغة. وقيل : يخاف المطر من يضرّه ، ويطمع فيه من ينفعه.
(وَيُنْشِئُ السَّحابَ) الغيم المنسحب في الهواء (الثِّقالَ) بالماء. وهو جمع ثقيلة. يقال : سحابة ثقيلة وسحاب ثقال ، كما يقال : امرأة كريمة ونساء كرام. وإنّما وصف به السحاب ، لأنّه اسم جنس في معنى الجمع.
(وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ) ويسبّح سامعوه (بِحَمْدِهِ) ملتبسين به ، فيضجّون بـ «سبحان الله والحمد لله». وعن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه كان يقول : «سبحان من يسبّح الرّعد بحمده».
وعن علي عليهالسلام أنّه كان يقول : «سبحان من سبّحت له إذا اشتدّ الرعد».
أو يدلّ الرعد بنفسه على وحدانيّته تعالى وكمال قدرته ، ملتبسا بالدلالة على فضله ونزول رحمته.
وعن ابن عبّاس : أنّ اليهود سألت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عن الرعد ما هو؟ فقال : «ملك موكّل بالسحاب ، معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب».
والمخاريق : جمع مخراق ، وهو الخشب ، أو الخرقة الملفوفة الّتي يلعب بها الصبيان. والمراد هنا آلة يزجر بها الملائكة ليسوقه.
وقالت المتصوّفة : الرعد صعقات الملائكة ، والبرق زفرات أفئدتهم ، والمطر بكاؤهم.
(وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ) من خوف الله تعالى وإجلاله. وقيل : الضمير للرعد.
(وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ) فيهلكه (وَهُمْ يُجادِلُونَ فِي اللهِ) حيث يكذّبون رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما يصفه به من كمال العلم والقدرة ، والتفرّد