الدُّنْيا) (١) ، بمعنى : اغترّوا بها وبسببها.
(فَمَنْ تَبِعَنِي) على ديني (فَإِنَّهُ مِنِّي) هو بعضي ، لفرط اختصاصه بي وملابسته لي. ومثل ذلك قولهم : «من غشّنا فليس منّا» ، أي : ليس بعض المؤمنين ، لأنّ الغشّ ليس من أفعالهم وأوصافهم. والمعنى : فإنّه لا ينفكّ عنّي في أمر الدين.
(وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ) تستر على العباد معاصيهم (رَحِيمٌ) بهم في جميع أحوالهم ، ومنعهم عليهم. وقيل : ومن عصاني فيما دون الشرك.
(رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي) أي : بعض ذرّيّتي ، أو ذرّيّة من ذرّيّتي ، فحذف المفعول ، وهم إسماعيل ومن ولد منه ، فإنّ إسكانه متضمّن لإسكانهم.
وروي عن الباقر عليهالسلام أنّه قال : «نحن بقيّة تلك العترة».
وقال عليهالسلام : «كانت دعوة إبراهيم عليهالسلام لنا خاصّة».
(بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) لا يكون فيه شيء من زرع قطّ ، كقوله : (قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ) (٢). بمعنى : لا يوجد فيه اعوجاج ، ما فيه إلّا الاستقامة. يعني : وادي مكّة ، فإنّها حجريّة لا تنبت.
(عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ) الّذي حرّمت التعرّض له والتهاون به ، بحيث لا يحلّ انتهاكه أصلا ، وما حوله محرّم بحرمته. أو لم يزل محترما معظّما ممنّعا تهابه الجبابرة. أو منع منه الطوفان ، فلم يستول عليه ، ولذلك سمّي عتيقا ، أي : أعتق منه.
ولو دعا بهذا الدعاء أوّل ما قدم ، فتسميته بالبيت باعتبار ما كان ، أو ما سيؤل إليه.
وإنّما أضاف البيت إليه سبحانه ، لأنّه مالكه لا يملكه أحد سواه ، وما عداه من البيوت قد ملكه غيره من العباد.
وروي أنّ هاجر كانت لسارة ، فوهبتها لإبراهيم عليهالسلام ، فولدت منه إسماعيل ،
__________________
(١) الأنعام : ٧٠.
(٢) الزمر : ٢٨.