(وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) بالنظر والتأمّل في الأدلّة المؤدّية إلى التوحيد ، المثبتة في القرآن من الآيات الدالّة عليه. (وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) ذوي العقول والنهى ، فيرتدعوا عمّا يرديهم ، ويتدرّعوا بما يحظيهم.
واعلم أيّها الطالب للرشاد ذخرا ليوم المعاد ، أنّ في هذه الآية دلالة على أنّ القرآن كاف في جميع ما يحتاج الناس إليه من أمور الدين ، لأنّ جميعها ـ جملها وتفاصيلها ـ يعلم بالقرآن ، إمّا بنفسه ، وإمّا بواسطة. فيجب على المؤمن المجتهد المهتمّ بأمور الدين أن يشمّر عن ساق الجدّ في طلب علوم القرآن ، ليوفّق بمعرفة ما فيه من بدائع الحكمة ومواضع البيان ، ويكتفي به عمّا سواه ، لينال السعادة في دنياه وعقباه.
وفي قوله : (وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) دلالة على أنّه سبحانه أراد من الناس علم التوحيد ، خلافا لأهل الجبر في قولهم إنّه سبحانه أراد من النصارى إثبات التثليث ، ومن الزنادقة القول بالتثنية ، تعالى الله عن ذلك.
وفي قوله : (وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) دلالة على أنّه أراد من الجميع التدبّر والتذكّر. وعلى أنّ العقل حجّة ، لأنّ غير ذوي العقول لا يمكنهم الفكر والاعتبار.
واعلم أيضا أنّه سبحانه ذكر لهذا البلاغ ثلاث فوائد ، هي الغاية في إنزال الكتب : تكميل الرسل للناس. واستكمالهم القوّة النظريّة الّتي منتهى كمالها التوحيد.
واستصلاح القوّة العمليّة ، الّذي هو التدرّع بلباس التقوى. اللهمّ اجعلنا من الموفّقين لهما ، بحقّ نبيّك النبيه ، ووليّك الوليه ، وآلهما المعصومين أجمعين.