ممّا أوتي ، فقد صغّر عظيما ، وعظّم صغيرا».
قيل وافت من بصرى وأذرعات سبع قوافل ليهود بني قريظة والنضير ، فيها أنواع البزّ (١) والطيب والجوهر وسائر الأمتعة. فقال المسلمون : لو كانت هذه الأموال لنا لتقوّينا بها ، ولأنفقناها في سبيل الله. فقال لهم الله سبحانه :
لقد أعطيتكم سبع آيات هي خير من هذه القوافل السبع. والمعنى : لا تتمنّ أموالهم ، ولا تحزن عليهم أنّهم لم يؤمنوا ، فيتقوّى بمكانهم الإسلام ، وينتعش بهم المؤمنون.
(وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) أنّهم لم يؤمنوا. وقيل : إنّهم المتمتّعون به. (وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) وتواضع لمن معك من فقراء المؤمنين وضعفائهم ، وارفق بهم ، وطب نفسا عن إيمان الأغنياء والأقوياء.
(وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ) أنذركم ببيان وبرهان أنّ عذاب الله نازل بكم إن لم تؤمنوا (كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ) أي : عذابا مثل العذاب الّذي أنزلنا عليهم.
فهو وصف لمفعول «النذير» أقيم مقامه.
والمقتسمون هم الاثنا عشر الّذين اقتسموا مداخل مكّة ، فقعدوا في كلّ مدخل متفرّقين أيّام الموسم لينفّروا الناس عن الإيمان بالرسول ، يقول بعضهم : لا تغترّوا بالخارج منّا ، فإنّه ساحر ، ويقول الآخر : كذّاب ، والآخر شاعر ، فأهلكهم الله يوم بدر. أو الرهط الّذين اقتسموا ، أي : تقاسموا على أن يبيّتوا صالحا عليهالسلام ، أي : يقتلوه ليلا.
وقيل : هو صفة مصدر محذوف ، يدلّ عليه قوله : «ولقد آتيناك» فإنّه بمعنى : أنزلنا إليك. والمعنى : أنزلنا عليك مثل ما أنزلنا على أهل الكتاب المقتسمين.
__________________
(١) البزّ : السلاح ، والثياب من الكتّان أو القطن.