مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ) على القتال (يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) من العدوّ (وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) اللفظ لفظ الخبر ، والمراد منه الأمر. وهذه عدة من الله بأنّ الجماعة من المؤمنين إن صبروا غلبوا عشرة أمثالهم من الكفّار بتأييد الله وعونه.
وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر : تكن بالتاء في الآيتين. ووافقهم البصريّان في «وإن تكن منكم مائة».
(بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) بسبب أنّ الكفّار جهلة بالله واليوم الآخر ، لا يثبتون ثبات المؤمنين ، رجاء الثواب وعوالي الدرجات قتلوا أو قتلوا ، ولا يستحقّون من الله تعالى إلّا الهوان والخذلان ، فيقاتلون على غير احتساب ثواب كالبهائم.
عن ابن جريج : كان عليهم أن لا يفرّوا ، ويثبت الواحد منهم للعشرة. وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعث حمزة بن عبد المطّلب في ثلاثين راكبا ، فلقي أبا جهل في ثلاثمائة راكب ، فثقل ذلك عليهم وضجّوا منه. وكان ذلك الحكم مدّة طويلة ، ثمّ نسخ وخفّف عنهم بمقاومة الواحد الاثنين ، بقوله عزوجل : (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً) فيه (١) لغتان : الفتح ، وهو قراءة عاصم وحمزة. والضمّ ، وهو قراءة الباقين. والضعف ضعف البدن. وقيل : ضعف البصيرة والاستقامة في الدين ، وكانوا متفاوتين فيها.
وقال في المجمع : «أراد به ضعف البصيرة والعزيمة ، ولم يرد ضعف البدن ، فإنّ الّذين أسلموا في الابتداء لم يكونوا كلّهم أقوياء البدن ، بل كان فيهم القويّ والضعيف ، ولكن كانوا أقوياء البصيرة واليقين ، ولمّا كثر المسلمون واختلط بهم من كان أضعف يقينا وبصيرة نزل : (الْآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً) (٢).
__________________
(١) أي : في «ضعفا».
(٢) مجمع البيان ٤ : ٥٥٧.