(فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ) على القتال (يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) من العدوّ (وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ) صابرة (يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ) منهم (بِإِذْنِ اللهِ) بعلم الله أو بأمر الله (وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) بالنصر والمعونة ، فكيف لا يغلبون؟ قيل : كان فيهم قلّة فأمروا بذلك ، ثمّ لمّا كثروا خفّف عنهم. وتكرير المعنى الواحد بذكر الأعداد المتناسبة قبل التخفيف وبعده ، للدلالة على أنّ حكم القليل والكثير واحد لا يتفاوت ، لأنّ الحال قد يتفاوت بين مقاومة العشرين المائتين والمائة الألف ، وكذلك بين مقاومة المائة المائتين والألف الألفين.
واعلم أنّ هذه الآية ناسخة للأولى كما مرّ ، والمعتبر في الناسخ والمنسوخ بالنزول دون التلاوة. وعن الحسن : أنّ التغليظ كان على أهل بدر ، ثمّ جاءت الرخصة.
روي أنّه كان القتلى من المشركين يوم بدر سبعين ، قتل منهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب صلوات الله عليه سبعة وعشرين. وكان الأسرى أيضا سبعين ، ولم يؤسر أحد من أصحاب رسول الله ، فجمعوا الأسارى وقرنوهم في الحبال ، وساقوهم على أقدامهم. وقتل من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تسعة رجال ، منهم سعد بن خيثمة ، وكان من النقباء من الأوس.
وعن محمّد بن إسحاق : استشهد من المسلمين يوم بدر أحد عشر رجلا ، أربعة من قريش وسبعة من الأنصار ، وقيل : ثمانية. وقتل من المشركين بضعة وأربعون رجلا.
وعن ابن عبّاس قال : لمّا أمسى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم بدر والناس محبوسون بالوثاق بات ساهرا أوّل الليل ، فقال له أصحابه : مالك لا تنام؟ فقال عليه الصلاة والسلام : سمعت أنين عمّي العبّاس في وثاقه. فأطلقوه فسكت ، فنام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.