الطوال ـ أو سورتان تركت بينهما فرجة ، ولم يكتب «بسم الله» لقول من قال : هما سورة واحدة.
ويؤيّد الأوّل ما روي عن أبي عبد الله عليهالسلام أنّه قال : «الأنفال وبراءة واحدة».
وروي ذلك عن سعيد بن المسيّب ، عن أبيّ بن كعب ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «من قرأ سورة الأنفال وبراءة فأنا شفيع له».
الخبر بتمامه مضى ذكره في صدر سورة الأنفال (١).
وروى الثعلبي بإسناده عن عائشة ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «ما نزل عليّ القرآن إلّا آية آية وحرفا حرفا ، خلا سورة البراءة وقل هو الله أحد ، فإنّهما نزلتا ومعهما سبعون ألف صفّ من الملائكة».
وعلى قول من قال إنّهما سورتان قيل : ولمّا ختم الله سبحانه سورة الأنفال بإيجاب البراءة من الكفّار ، افتتح هذه السورة بأنّه تعالى ورسوله بريئان منهم ، كما أمر المسلمين بالبراءة منهم في سورة الأنفال ، فقال : (بَراءَةٌ مِنَ اللهِ) أي : هذه براءة. و «من» ابتدائيّة متعلّقة بمحذوف تقديره : واصلة من الله (وَرَسُولِهِ) أي : انقطاع منهما للعصمة ، ورفع الأمان ، وخروج من العهود. ويجوز أن تكون براءة مبتدأ ، لتخصّصها بصفتها ، والخبر قوله : (إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) كما تقول : رجل من قريش في الدار. والمعنى : أنّ الله ورسوله برئا من العهد الّذي عاهدتم به المشركين.
وإنّما علّقت البراءة بالله ورسوله والمعاهدة بالمسلمين ، للدلالة على أنّه يجب عليهم نبذ عهود المشركين إليهم ، وإن كانت صادرة بإذن الله واتّفاق الرسول ، فإنّهما برئا الآن منها. وذلك أنّهم عاهدوا مشركي العرب فنكثوا إلّا أناسا ، منهم بنو ضمرة وبنو كنانة ، فأمرهم بنبذ العهد إلى الناكثين ، وأمهل المشركين أربعة أشهر
__________________
(١) راجع ص : ٥.