البرق إذا لمع. (وَلا ذِمَّةً) عهدا أو حقّا يعاب على إغفاله وإهماله.
وقوله : (يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ) كلام مستأنف في وصف حالهم من مخالفة الظاهر الباطن ، مقرّر لاستبعاد الثبات منهم على العهد ، وإباء القلوب مخالفة ما فيها من الأضغان ، لما يجرونه على ألسنتهم من الكلام الجميل ، وهذه المخالفة موجبة لعدم مراقبتهم عند الظفر. والمعنى : يتكلّمون بكلام الموالين لترضوا عنهم (وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ) ما تتفوّه به أفواههم ، للعداوة والغدر ونقض العهد.
(وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ) متمرّدون في الكفر والشرك ، لأنّه لا عقيدة لهم تمنعهم ، ولا مروءة تردعهم ، وهم رؤساء الكفرة. أو خارجون عن طريق الوفاء بالعهد. وتخصيص الأكثر لما في بعض الكفرة من التباعد عن الغدر ، والتعفّف عمّا يجرّ إلى أحدوثة السوء. ولا يجوز جعل هذه الجملة الفعليّة حالا من فاعل «لا يرقبوا» ، فإنّهم بعد ظهورهم لا يرضون.
(اشْتَرَوْا بِآياتِ اللهِ) استبدلوا بالقرآن والإسلام (ثَمَناً قَلِيلاً) عرضا يسيرا ، وهو اتّباع الأهواء والشهوات (فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ) فعدلوا عن دينه الموصل إلى رحمته ، وصرفوا غيرهم عنه ، أو سبيل بيته بحصر الحجّاج والعمّار. والفاء للدلالة على أن اشتراءهم أدّاهم إلى الصدّ.
(إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) بئس العمل عملهم هذا ، أو ما دلّ عليه قوله : (لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً) فهو تفسير لا تكرير. وقيل : الأوّل عامّ في الناقضين ، وهذا خاصّ بالّذين اشتروا ، وهم اليهود أو الأعراب الّذين جمعهم أبو سفيان وأطعمهم. (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ) المجاوزون الغاية في الظلم والشرارة.
(فَإِنْ تابُوا) عن الكفر والصدّ ونقض العهد (وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ) فهم إخوانكم (فِي الدِّينِ) لهم ما لكم وعليهم ما عليكم (وَنُفَصِّلُ الْآياتِ) ونبيّنها (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) اعتراض للحثّ على تأمّل ما فصّل من أحكام المعاهدين أو خصال التائبين ، فكأنّه قيل : ومن تأمّل تفصيلها فهو العالم.