(وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ) وإن نقضوا ما بايعوا عليه من الأيمان أو الوفاء بالعهود (مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ) من بعد أن عقدوها (وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ) بصريح التكذيب وتقبيح الأحكام (فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ) أي : فقاتلوهم. فوضع أئمّة الكفر موضع الضمير ، للدلالة على أنّهم صاروا بذلك ذوي الرئاسة والتقدّم في الكفر والضلالة ، أحقّاء بالقتل. وقيل : المراد بالأئمّة رؤساء المشركين. فالتخصيص إمّا لأنّ قتلهم أهمّ ، وهم أحقّ به ، أو للمنع من مراقبتهم.
وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو : أئمّة ، بتسهيل (١) الثانية بلا فصل بينهما.
وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي وروح عن يعقوب : أئمّة ، بتحقيق الهمزتين على الأصل. والتصريح بالياء لحن.
وعن حذيفة : لم يأت أهل هذه الآية بعد. وقرأ عليّ عليهالسلام الآية يوم الجمل ، ثمّ قال : «والله لقد عهد إليّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال لي : يا علي لتقاتلنّ الفئة الناكثة ، والفئة الباغية ، والفئة المارقة».
(إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ) ، أي : لا عهود لهم على الحقيقة ـ يعني : لا يحفظونها ـ وإلّا لما طعنوا ولم ينكثوا ، فلا تعطوهم الأمان بعد النكث والردّة. وفيه دليل على أنّ الذمّي إذا طعن في الإسلام فقد نكث عهده. وقرأ ابن عامر : لا إيمان ، بمعنى : لا أمان أو لا إسلام.
وعلى القراءة الأولى استشهد الحنفي على أنّ يمين الكافر ليس يمينا. وهو ضعيف ، لأنّ المراد نفي الوثوق عليها ، لا أنّها ليست بأيمان.
وعلى الثانية تشبّث بها من لم يقبل توبة المرتدّ. وهو أيضا ضعيف ، لجواز أن يكون بمعنى : لا يؤمنون ، على أنّ الإخبار عن قوم معيّنين ، إذ ليس لهم إيمان فيراقبوا لأجله.
__________________
(١) أي : تلفّظ الهمزة الثانية بين بين ، أي : بين مخرج الهمزة والياء.