(وَيَوْمَ حُنَيْنٍ) وموطن يوم حنين. ويجوز أن يقدّر : في أيّام مواطن ، أو يفسّر الموطن بالوقت ، كمقتل الحسين عليهالسلام. ولا يمنع إبدال قوله : (إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ) من «يوم حنين» أن يعطف على موضع «في مواطن» فإنّه لا يقتضي تشاركهما فيما أضيف إليه المعطوف ، حتّى يقتضي كثرتهم وإعجابها إيّاهم في جميع المواطن.
وهذا قول القاضي في تفسيره (١) ، ردّ بذلك قول الزمخشري في الكشّاف حيث قال : «الواجب أن يكون «يوم حنين» منصوبا بفعل مضمر لا بهذا الظاهر ، وموجب ذلك أنّ قوله : «إذ أعجبتكم» بدل من «يوم حنين» فلو جعلت ناصبه هذا الظاهر لم يصحّ ، لأنّ كثرتهم لم تعجبهم في جميع تلك المواطن ، ولم يكونوا كثيرا في جميعها ، فبقي أن يكون ناصبه فعلا خاصّا به ، إلّا إذا نصبت «إذ» بإضمار : اذكر» (٢).
وحنين واد بين مكّة والطائف ، كانت فيه الوقعة بين المسلمين ـ وهم اثنا عشر ألفا ، منهم عشرة آلاف حضروا فتح مكّة ، وقد انضمّ إليهم ألفان من الطلقاء ـ وبين هوازن وثقيف ، وهم أربعة آلاف.
فلمّا التقوا قال رجل من المسلمين : لن نغلب اليوم من قلّة. فساءت مقالته رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. وقيل : قائلها أبو بكر. وقد روي عن أصحابنا : أن أبا بكر عانهم ، وعليّا عليهالسلام أعانهم. فاقتتلوا قتالا شديدا ، فانهزم المسلمون حتّى بلغ فلّهم (٣) مكّة ، وبقي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في مركزه ، وبقي عليّ عليهالسلام ومعه الراية يقاتلهم ، والعبّاس بن عبد المطّلب آخذ بلجام بغلة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن يمينه ، وأبو سفيان بن الحارث بن
__________________
(١) أنوار التنزيل ٣ : ٦٤.
(٢) الكشّاف ٢ : ٢٥٩.
(٣) فلّ القوم : هزمهم ، ورجل فلّ وقوم فلّ : منهزم ومنهزمون.