عبد المطّلب عن يساره في تسعة من بني هاشم ، وعاشرهم أيمن بن أمّ أيمن.
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم للعبّاس وكان صيّتا : صح بالناس. فنادى : يا معشر المهاجرين والأنصار ، يا أهل بيعة الشجرة ، يا أصحاب سورة البقرة ، إلى أين تفرّون؟ هذا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فكرّوا وهم يقولون : لبّيك لبّيك. ونزلت الملائكة عليهم البياض على خيول بلق ، فنظر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى قتال المسلمين فقال : الآن حمي الوطيس (١).
أنا النبيّ لا كذب |
|
أنا ابن عبد المطّلب |
ثمّ أخذ كفّا من تراب فرماهم به ، ثمّ قال : انهزموا وربّ الكعبة ، فانهزموا ونزل النصر من عند الله ، وانهزمت هوازن ، كما حكى الله تعالى ذلك بقوله : (فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ) أي : الكثرة (شَيْئاً) من الإغناء ، أو من أمر العدوّ (وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ). «ما» مصدريّة ، والباء بمعنى «مع» ، أي : مع رحبها ـ أي : سعتها ـ لا تجدون فيها مفرّا تطمئنّ إليه نفوسكم من شدّة الرعب ، أي : لا تثبتون فيها ، كمن لا يسعه مكانه ، فكأنّها ضاقت عليكم. والجارّ والمجرور في موضع الحال ، أي : ملتبسة برحبها (ثُمَّ وَلَّيْتُمْ) الكفّار ظهوركم (مُدْبِرِينَ) منهزمين.
والإدبار الذهاب إلى خلف ، خلاف الإقبال.
(ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ) رحمته الّتي سكنوا بها وآمنوا (عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) الّذين انهزموا. وإعادة الجارّ للتنبيه على اختلاف حاليهما. وقيل : هم الّذين ثبتوا مع الرسول ولم يفرّوا.
وروى الحسن بن عليّ بن فضّال عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام أنّه قال : «السكينة ريح من الجنّة تخرج منها طيّبة ، لها صورة كصورة وجه الإنسان ، تكون
__________________
(١) في هامش النسخة الخطّية : «الوطيس : التنّور ، مثل في شدّة الحرّ ، فجعله رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كناية عن شدّة الحرب. منه».