البيان الأوّل لثورة الحسين عليهالسلام
وقامَ فيهم خاطباً يقولُ : |
|
بالنصِّ قد أوصى لنا الرسولُ |
فما خرجتُ أشِراً أو بَطرا |
|
أو ظالماً أو مُفسِداً بلْ مُنْكِرا (١) |
وسارَ حتى وصلَ « الصّفاحا » |
|
بعزْمهِ يواصلُ الكفاحا |
حيث التقاهُ الشاعرُ « الفرزدقُ » |
|
مُخبّراً إياهُ وهوَ يصدقُ |
انَّ قلوبَ الناسِ لم تزلْ معكْ |
|
وتطمحُ السيوفُ أنْ تقطعَكْ |
فاسترجعَ الحسينُ ثمَّ حَوْقَلا |
|
بأنّهُ يَرضى القضاءَ والبلا |
__________________
(١) بينما كانت الكوفة تعيش حالة القلق والترقب والخوف إثر مقتل مسلم وهاني ، فإن مكة كانت هانئة بوجود الحسين عليهالسلام الذي كان يمارس دوره في التوجيه والارشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، حتى جاء خبر وصول مجموعة من رجال السلطة الاموية لاغتياله ولو كان متعلقاً بأستار الكعبة ، فكره الحسين عليهالسلام أن يُراق الدم في هذا المكان المقدس ، فقرر مغادرة مكة بسرعة نحو العراق عاصمة اهل البيت وساحة الثورة المتجددة.
وفي الثامن من ذي الحجة ، وهو يوم التروية والخروج الى منى قطع الحسين مناسك الحج ، وحوّل حجه الى عمرة مفردة متجهاً الى العراق عبر ميقات التنعيم ، ـ ولعلّه كان يهدف من هذا التوقيت تنبيه الامة إلى خطورة الموقف ومسؤوليتها التاريخية ـ وقد ودعته مكة ، وهو ابنها ، بالدموع والحسرات ، وودعها هو بخطبة تاريخية مثّلت البيان الاول للثورة الحسينية الخالدة ، حيث حدد فيها عزمه وارادته على المضي نحو تحقيق الاصلاح الاجتماعي والسياسي ، وإن أدى ذلك الى شهادته ، جاء فيها : ما خرجت اشراً ولا بطراً ولا ظالماً ولا مفسداً ، انما خرجت لطلب الاصلاح في أمّة جدي ، اُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ، فمن قبلني بقبول الحق ، فالله أولى بالحق ، ومن رد علي ذلك أصبر حتى يحكم الله والله خير الحاكمين.